jueves, 26 de mayo de 2011

لابي عبد الله الحجازي الشافعي
الحمد لله الذي بعث محمدا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله, وكفى بالله شهيدا, أحمده سبحانه حمد عبد معترف بما له جل وعلا من الآلاء والنعم … ، وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا.
أما بعد:
فأسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم جميعا ممن أصلح قوله وعمله, وجعل حياته زيادة في كل خير ونعوذ به جل وعلا من الخذلان، كما نسأله أن يُلزمنا كلمة التقوى وطريقة السلف الصالح التي هي أولى.
قال ابن القيم رحمه الله: أن كل واحد منا مأمور بأن يصدق الرسول (صلي الله عليه وسلم) فيما أخبر به، ويطيعه فيما أمر، وذلك لا يكون إلا بعد معرفة أمره وخبره، ولم يوجب الله سبحانه من ذلك على الأمة إلا ما فيه حفظ دينها ودنياها وصلاحها في معاشها ومعادها. وبإهمال ذلك تضيع مصالحها وتفسد أمورها. فما خراب العالم إلا بالجهل، ولا عمارته إلا بالعلم. وإذا ظهر العلم في بلد أو محلة، قل الشر في أهلها. وإذا خفي العلم هناك، ظهر الشر والفساد، ومن لم يعرف هذا فهو ممن لم يجعل الله له نوراً.
قال الإمام أحمد: لولا العلم كان الناس كالبهائم. وقال: الناس أحوج إلى العلم منهم إلى الطعام والشراب، لأن الطعام والشراب يحتاج إليه في اليوم مرتين أو ثلاثاً، والعلم يحتاج إليه كل وقت) أ.هـ إعلام الموقعين (2 / 257)
وبعد
فما هناك آية تتحدث عن العلم والجهل في القرآن الكريم إلا وقد ذكرتها بتفسيرها وما لم أذكره يكاد يكون متشابه مع آيات ذكرتها وخاصة أنه قد كثر الجدل مع المشركين حول هذه القضية وهي هل الجهل بمعني لا إله إلا الله ووقوع الناس في ما يناقضها عن جهل منهم بذلك يعد عذرا  أم لا ؟ وخاصة أن علماء المشركين اليوم قد ترك لهم الحبل علي غاربة يضلون الناس عبر الشاشات الفضائية ويستشهدون بآيات لا صلة لها بالموضوع من أساسة وكذلك يستشهدون بكلام للعلماء الربانيين يفسرونه علي ضلالهم وقد حاولت كثير أن لا أتوسع في البحث ولكن رغم أنفي ما استطعت لكثرة الآيات وكلام العلماء في هذا الموضوع والله أسأل أن يهدينا والعالمين إلي العلم والعمل بلا إله إلا الله اللهم آمين
الباب الأول العلم الواجب علي كل مكلفأول العلوم الواجبة علي كل مكلف هو العلم بلا إله إلا الله
أولا تفسير قوله تعالي(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) [محمد/19]
جاء في تفسير البحر المحيط - (ج 10 / ص 73)
({ فاعلم أنه لا إله إلا الله } ، والمعنى : دم على عملك بتوحيد . واحتج بهذا على قول من قال : أول الواجبات العلم والنظر قبل القول والإقرار).ا هـ
و جاء في تفسير النسفي - (ج 3 / ص 327)
({ فاعلم أَنَّهُ لاَ إله إِلا الله واستغفر لِذَنبِكَ } فأمر بالعمل بعد العلم )ا هـ.
و جاء في تفسير السعدي - (ج 1 / ص 787)
(العلم لا بد فيه من إقرار القلب ومعرفته، بمعنى ما طلب منه علمه، وتمامه أن يعمل بمقتضاه.
وهذا العلم الذي أمر الله به -وهو العلم بتوحيد الله- فرض عين على كل إنسان، لا يسقط عن أحد، كائنا من كان، بل كل مضطر إلى ذلك. والطريق إلى العلم بأنه لا إله إلا هو أمور: أحدها بل أعظمها: تدبر أسمائه وصفاته، وأفعاله الدالة على كماله وعظمته وجلالته فإنها توجب بذل الجهد في التأله له، والتعبد للرب الكامل الذي له كل حمد ومجد وجلال وجمال.
الثاني: العلم بأنه تعالى المنفرد بالخلق والتدبير، فيعلم بذلك أنه المنفرد بالألوهية.
الثالث: العلم بأنه المنفرد بالنعم الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، فإن ذلك يوجب تعلق القلب به ومحبته، والتأله له وحده لا شريك له.
الرابع: ما نراه ونسمعه من الثواب لأوليائه القائمين بتوحيده من النصر والنعم العاجلة، ومن عقوبته لأعدائه المشركين به، فإن هذا داع إلى العلم، بأنه تعالى وحده المستحق للعبادة كلها.
الخامس: معرفة أوصاف الأوثان والأنداد التي عبدت مع الله، واتخذت آلهة، وأنها ناقصة من جميع الوجوه، فقيرة بالذات، لا تملك لنفسها ولا لعابديها نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، ولا ينصرون من عبدهم، ولا ينفعونهم بمثقال ذرة، من جلب خير أو دفع شر، فإن العلم بذلك يوجب العلم بأنه لا إله إلا هو وبطلان إلهية ما سواه.
السادس: اتفاق كتب الله على ذلك، وتواطؤها عليه.
السابع: أن خواص الخلق، الذين هم أكمل الخليقة أخلاقا وعقولا ورأيا وصوابا، وعلما -وهم الرسل والأنبياء والعلماء الربانيون- قد شهدوا لله بذلك.
الثامن: ما أقامه الله من الأدلة الأفقية والنفسية، التي تدل على التوحيد أعظم دلالة، وتنادي عليه بلسان حالها بما أودعها من لطائف صنعته، وبديع حكمته، وغرائب خلقه.
فهذه الطرق التي أكثر الله من دعوة الخلق بها إلى أنه لا إله إلا الله، وأبداها في كتابه وأعادها عند تأمل العبد في بعضها، لا بد أن يكون عنده يقين وعلم بذلك، فكيف إذا اجتمعت وتواطأت واتفقت، وقامت أدلة التوحيد من كل جانب، فهناك يرسخ الإيمان والعلم بذلك في قلب العبد، بحيث يكون كالجبال الرواسي، لا تزلزله الشبه والخيالات، ولا يزداد -على تكرر الباطل والشبه- إلا نموا وكمالا.
هذا، وإن نظرت إلى الدليل العظيم، والأمر الكبير -وهو تدبر هذا القرآن العظيم، والتأمل في آياته- فإنه الباب الأعظم إلى العلم بالتوحيد ويحصل به من تفاصيله وجمله ما لا يحصل في غيره.) ا هـ
و جاء في بحر العلوم للسمرقندي - (ج 4 / ص 154)
(قوله عز وجل : { فاعلم أَنَّهُ لاَ إله إِلا الله } قال الزجاج : هذه الفاء جواب الجزاء . ومعناه قد بينا ما يدل على توحيد الله ، فاعلم أنه لا إله إلا الله ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد علم أن الله تعالى واحد . إنما خاطبه والمراد به أمته . وقال : هذا الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة . ومعناه . فاثبت على إظهار قول لا إله إلا الله . يعني : ادع الناس إلى ذلك . ويقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « لَيْتَنِي أَعْلَمُ أَيُّ الكَلامِ أَفْضَلُ وَأَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ . فَأَعْلَمَهُ الله تَعَالَى ، أنَّ أَفْضَلَ الكَلاَمِ التَّوْحِيدُ ، وَأَفْضَلَ الدُّعَاءِ الاسْتِغْفارُ » ). ا هـ
ثانيا تفسير قوله تعالي(وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) [الزخرف/86،]
جاء في زاد المسير - (ج 5 / ص 345)
(وفي معنى الآية قولان :
أحدهما : أنه أراد بالذين يَدْعَون مِنْ دونه : آلهتهم ، ثم استثنى عيسى وعزيرَ والملائكةَ فقال : { إلاّ مَنْ شَهِدَ بالحق } وهو أن يشهد أن لا إله إلا الله { وهم يَعلمون } بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم ، وهذا مذهب الأكثرين ، منهم قتادة .
والثاني : أن المراد بالذين يَدْعُون : عيسى وعزيرُ والملائكةُ الذين عبدهم المشركون بالله لا يَمْلِك هؤلاء الشفاعةَ لأحد { إلاَ مَنْ شَهِد } أي : [ إلاَ ] لِمَنْ شَهِد { بالحق } وهي كلمة الإِخلاص { وهم يَِعْلَمون } أن الله عز وجل خلق عيسى وعزير والملائكة ، وهذا مذهب قوم منهم مجاهد . وفي الآية دليل على أن شرط جميع الشهادات أن يكون الشاهد عالماً بما يَشهد به ) ا هـ
وجاء في تفسير الرازي - (ج 13 / ص 497)
(ومعنى من شهد بالحق من شهد أنه لا إله إلا الله .
ثم قال تعالى : { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } وهذا القيد يدل على أن الشهادة باللسان فقط لا تفيد ألبتة ، واحتج القائلون بأن إيمان المقلد لا ينفع ألبتة ، فقالوا بيّن الله تعالى أن الشهادة لا تنفع إلا إذا حصل معها العلم والعلم عبارة عن اليقين الذي لو شكك صاحبه فيه لم يتشكك ، وهذا لم يحصل إلا عند الدليل ، فثبت أن إيمان المقلد لا ينفع ألبتة ).ا هـ
و جاء في نظم الدرر للبقاعي - (ج 7 / ص 491)
(ولما كان ذلك مركوزاً حتى في فطر الكفار فلا يفزعون في وقت الشدائد إلا إلى الله ، ولكنهم لا يلبثون أن يعملوا من الإشراك بما يخالف ذلك ، فكأنه لا علم لهم قال : { وهم } أو والحال أن من شهد { يعلمون } أي على بصيرة مما شهدوا به ، فلذلك لا يعملون بخلاف ما شهدوا إلا جهلاً منهم بتحقيق معنى التوحيد ، فلذلك يظنون أنهم لم يخرجوا عنه وإن أشركوا ، أو يكون المعنى : وهم من أهل العلم ، والأصنام ليسوا كذلك ، وكأنه أفرد أولاً إشارة إلى أن التوحيد فرض عين على كل أحد بخصوصه وإن خالفه كل غير ، وجمع ثانياً إيذاناً بالأمر بالمعروف ليجتمع الكل على العلم والتوحيد هو الأساس الذي لا تصح عبادة إلا به ، وتحقيقه هو العلم الذي لا علم يعدله )ا هـ،
و جاء في تفسير السعدي - (ج 1 / ص 770)
{ إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ } أي: نطق بلسانه، مقرا بقلبه، عالما بما شهد به، ويشترط أن تكون شهادته بالحق، وهو الشهادة للّه تعالى بالوحدانية، ولرسله بالنبوة والرسالة، وصحة ما جاءوا به، من أصول الدين وفروعه، وحقائقه وشرائعه، فهؤلاء الذين تنفع فيهم شفاعة الشافعين، وهؤلاء الناجون من عذاب اللّه، الحائزون لثوابه.)ا هـ
و جاء في.فتح القدير - (ج 6 / ص 419)
{ إِلاَّ مَن شَهِدَ بالحق } أي : التوحيد { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أي : هم على علم ، وبصيرة بما شهدوا به ،) . ا هـ
و جاء تفسير البحر المحيط - (ج 10 / ص 19)والمعنى : ولا يملك آلهتهم ، ويعني بهم الأصنام والأوثان ، الشفاعة . كما زعموا أنهم شفعاؤهم عند الله . ولكن { من شهد بالحق } ، وهو توحيد الله ، وهو يعلم ما شهد به ، هو الذي يملك الشفاعة )، ا هـ
و جاء في تفسير الألوسي - (ج 18 / ص 417)({ إِلاَّ مَن شَهِدَ بالحق } الذي هو التوحيد { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أي يعلمونه ، والجملة في موضع الحال ، وقيد بها لأن الشهادة عن غير علم بالمشهود به لا يعول عليها ،).ا هـ
و جاء في تفسير الطبري - (ج 21 / ص 654)
(وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه لا يملك الذين يعبدهم المشركون من دون الله الشفاعة عنده لأحد، إلا من شهد بالحقّ، وشهادته بالحقّ: هو إقراره بتوحيد الله، يعني بذلك: إلا من آمن بالله، وهم يعلمون حقيقة توحيده، ولم يخصص بأن الذي لا يملك الشفاعة منهم بعض من كان يعبد من دون الله، فذلك على جميع من كان تعبد قريش من دون الله يوم نزلت هذه الآية وغيرهم، وقد كان فيهم من يعبد من دون الله الآلهة، وكان فيهم من يعبد من دونه الملائكة وغيرهم، فجميع أولئك داخلون في قوله: ولا يملك الذين يدعو قريش وسائر العرب من دون الله الشفاعة عند الله. ثم استثنى جلّ ثناؤه بقوله:( إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) وهم الذين يشهدون شهادة الحقّ فيوحدون الله، ويخلصون له الوحدانية، على علم منهم ويقين بذلك، أنهم يملكون الشفاعة عنده بإذنه لهم بها، كما قال جلّ ثناؤه:( وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى ) فأثبت جلّ ثناؤه للملائكة وعيسى وعُزير ملكهم من الشفاعة ما نفاه عن الآلهة والأوثان باستثنائه الذي استثناه).ا هـ
ثالثا تفسير قوله تعالي(هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52) [إبراهيم/52]
جاء في تفسير ابن كثير - (ج 4 / ص 523)
(يقول تعالى: هذا القرآن بلاغ للناس، كقوله: { لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } [الأنعام: 19]، أي: هو بلاغ لجميع الخلق من إنس وجان، كما قال في أول السورة: { الر كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ }
{ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ } أي: ليتعظوا به، { وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ } أي: يستدلوا بما فيه من الحجج والدلالات على أنه لا إله إلا هو { وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الألْبَابِ } أي: ذوو العقول).ا هـ
و جاء في نظم الدرر للبقاعي - (ج 4 / ص 393)
(ولما كان متعلق البلاغ الذي قدرته بالوصول يتضمن البشارة ، عطف عليه النذارة بانياً للمفعول ، لأن النافع مطلق النذارة ، وكل أحد متأهل لأن يكون واعظاً به مقبولاً ، لأن من سمعه فكأنما سمعه من الله لتميزه بإعجازه عن كل كلام ، فقال : { ولينذروا } أي من أي منذر كان فيقوم عليهم الحجة { به } فيحذروا عقاب الله فيتخلوا عن الدنايا .
ولما أشار إلى جميع الفروع فعلاً وتركاً ، مع إشارته إلى أصل التوحيد لأنه أول الوصول ، صرح به على حدته لجلالته في قوله : { وليعلموا أنما هو } أي الإله { إله واحد } فيكون همهم واحداً) .ا هـ
و جاء في النكت والعيون للماوردي- (ج 2 / ص 339)(قوله عز وجل : { هذا بلاغ للناس } فيه قولان :
أحدهما : هذا الإنذار كاف للناس ، قاله ابن شجرة .
الثاني : هذا القرآن كافٍ للناس ، قاله ابن زيد .
{ ولينذروا به } فيه وجهان :
أحدهما : بالرسول .
الثاني : بالقرآن .
{ وليعلموا أنما هو إله واحدٌ } لما فيه من الدلائل على توحيده .{ وليذكّرَ أولوا الألباب } فيه وجهان :
أحدهما : وليتعظ ، قاله الكلبي .
الثاني : ليسترجع يعني بما سمع من المواعظ . أولو الألباب ، أي ذوو العقول ). ا هـ
رابعا تفسير قوله تعالي(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14) [هود/14،]
و جاء في تفسير الطبري - (ج 15 / ص 261)
(قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه: قل يا محمد لهؤلاء المشركين: فإن لم يستجب لكمْ من تدعون من دون الله إلى أنْ يأتوا بعشر سور مثل هذا القرآن مفتريات، ولم تطيقوا أنتم وهم أن تأتوا بذلك، فاعلموا وأيقنوا أنه إنما أنزل من السماء على محمد صلى الله عليه وسلم بعلم الله وإذنه، وأن محمدًا لم يفتره، ولا يقدر أن يفتريه =(وأن لا إله إلا هو)، يقول: وأيقنوا أيضًا أن لا معبود يستحق الألوهة على الخلق إلا الله الذي له الخلق والأمر، فاخلعوا الأنداد والآلهة ، وأفردوا له العبادة.) ا هـ
و جاء في تفسير السعدي - (ج 1 / ص 378)
({ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ } على شيء من ذلكم { فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزلَ بِعِلْمِ اللَّهِ } [من عند الله] لقيام الدليل والمقتضي، وانتفاء المعارض.
{ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ } أي: واعلموا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ أي: هو وحده المستحق للألوهية والعبادة، { فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } أي: منقادون لألوهيته، مستسلمون لعبوديته، وفي هذه الآيات إرشاد إلى أنه لا ينبغي للداعي إلى الله أن يصده اعتراض المعترضين، ولا قدح القادحين.
خصوصا إذا كان القدح لا مستند له، ولا يقدح فيما دعا إليه، وأنه لا يضيق صدره، بل يطمئن بذلك، ماضيا على أمره، مقبلا على شأنه، وأنه لا يجب إجابة اقتراحات المقترحين للأدلة التي يختارونها. بل يكفي إقامة الدليل السالم عن المعارض، على جميع المسائل والمطالب. وفيها أن هذا القرآن، معجز بنفسه، لا يقدر أحد من البشر أن يأتي بمثله، ولا بعشر سور من مثله، بل ولا بسورة من مثله، لأن الأعداء البلغاء الفصحاء، تحداهم الله بذلك، فلم يعارضوه، لعلمهم أنهم لا قدرة فيهم على ذلك.
وفيها: أن مما يطلب فيه العلم، ولا يكفي غلبة الظن، علم القرآن، وعلم التوحيد، لقوله تعالى: { فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ }.)ا هـ
و جاء في فتح القدير - (ج 3 / ص 432)
({ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ } للموصول في { من استطعتم } ، وضمير { لكم } ، للكفار ، الذين تحدّاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكذلك ضمير { فاعلموا } والمعنى : فإن لم يستجب لكم من دعوتموهم للمعاضدة والمناصرة على الإتيان بعشر سور من سائر الكفار ومن يعبدونهم ، ويزعمون أنهم يضرّون وينفعون ، فاعلموا أن هذا القرآن الذي أنزله الله على هذا الرسول ، خارج عن قدرة غيره سبحانه وتعالى ، لما اشتمل عليه من الإعجاز الذي تتقاصر دونه قوّة المخلوقين ، وأنه أنزل بعلم الله الذي لا تحيط به العقول ، ولا تبلغه الأفهام ، واعلموا أنه المنفرد بالألوهية لا شريك له ، فهل أنتم بعد هذا مسلمون؟ أي : داخلون في الإسلام ، متبعون لأحكامه ، مقتدون بشرائعه .)ا هـ
و جاء في تفسير الرازي - (ج 8 / ص 379)
(اعلم أن الآية المتقدمة اشتملت على خطابين : أحدهما : خطاب الرسول ، وهو قوله : { قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ } والثاني : خطاب الكفار وهو قوله : { وادعوا مَنِ استطعتم مّن دُونِ الله } [ هود : 13 ] فلما أتبعه بقوله : { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ } احتمل أن يكون المراد أن الكفار لم يستجيبوا في المعارضة لتعذرها عليهم ، واحتمل أن من يدعونه من دون الله لم يستجيبوا ، فلهذا السبب اختلف المفسرون على قولين : فبعضهم قال : هذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ، والمراد أن الكفار إن لم يستجيبوا لكم في الإتيان بالمعارضة ، فاعلموا أنما أنزل بعلم الله . والمعنى : فاثبتوا على العلم الذي أنتم عليه وازدادوا يقيناً وثبات قدم على أنه منزل من عند الله ، ومعنى قوله : { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } أي فهل أنتم مخلصون ، ومنهم من قال فيه إضمار ، والتقدير : فقولوا أيها المسلمون للكفار اعلموا أنما أنزل بعلم الله .
والقول الثاني : أن هذا خطاب مع الكفار ، والمعنى أن الذين تدعونهم من دون الله إذا لم يستجيبوا لكم في الإعانة على المعارضة ، فاعلموا أيها الكفار أن هذا القرآن إنما أنزل بعلم الله فهل أنتم مسلمون بعد لزوم الحجة عليكم ، والقائلون بهذا القول قالوا هذا أولى من القول الأول ، لأنكم في القول الأول احتجتم إلى أن حملتم قوله : { فاعلموا } على الأمر بالثبات أو على إضمار القول ، وعلى هذا الاحتمال لا حاجة فيه إلى إضمار ، فكان هذا أولى ، وأيضاً فعود الضمير إلى أقرب المذكورين واجب ، وأقرب المذكورين في هذه الآية هو هذا الاحتمال الثاني ، وأيضاً أن الخطاب الأول كان مع الرسول عليه الصلاة والسلام وحده بقوله : { قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ } [ هود : 13 ] والخطاب الثاني كان مع جماعة الكفار بقوله : { وادعوا مَنِ استطعتم مّن دُونِ الله } [ هود : 13 ] وقوله : { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ } خطاب مع الجماعة فكان حمله على هذا الذي قلناه أولى . بقي في الآية سؤالات :
السؤال الأول : ما الشيء الذي لم يستجيبوا فيه؟
الجواب : المعنى فإن لم يستجيبوا لكم في معارضة القرآن ، وقال بعضهم فإن لم يستجيبوا لكم في جملة الإيمان وهو بعيد .
السؤال الثاني : من المشار إليه بقوله : { لَكُمْ } ؟
والجواب : إن حملنا قوله : { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ } على المؤمنين فذلك ظاهر ، وإن حملناه على الرسول فعنه جوابان : الأول : المراد فإن لم يستجيبوا لك وللمؤمنين ، لأن الرسول عليه السلام والمؤمنين كانوا يتحدونهم ، وقال في موضع آخر فإن لم يستجيبوا لك فاعلم . والثاني : يجوز أن يكون الجمع لتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
السؤال الثالث : أي تعلق بين الشرط المذكور في هذه الآية وبين ما فيها من الجزاء .
والجواب : أن القوم ادعوا كون القرآن مفترى على الله تعالى ، فقال : لو كان مفترى على الله لوجب أن يقدر الخلق على مثله ولما لم يقدروا عليه ، ثبت أنه من عند الله ، فقوله : { أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ الله } كناية عن كونه من عند الله ومن قبله ، كما يقول الحاكم هذا الحكم جرى بعلمي
السؤال الرابع : أي تعلق لقوله : { وَأَن لاَّ إله إِلاَّ هُوَ } يعجزهم عن المعارضة
والجواب فيه من وجوه : الأول : أنه تعالى لما أمر محمداً صلى الله عليه وسلم حتى يطلب من الكفار أن يستعينوا بالأصنام في تحقيق المعارضة ثم ظهر عجزهم عنها فحينئذ ظهر أنها لا تنفع ولا تضر في شيء من المطالب ألبتة ، ومتى كان كذلك ، فقد بطل القول بإثبات كونهم آلهة ، فصار عجز القوم المعارضة بعد الاستعانة بالأصنام مبطلاً لإلهية الأصنام ودليلاً على ثبوت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فكان قوله : { وَأَن لاَّ إله إِلاَّ هُوَ } إشارة إلى ما ظهر من فساد القول بإلهية الأصنام : الثاني : أنه ثبت في علم الأصول أن القول بنفي الشريك عن الله من المسائل التي يمكن إثباتها بقول الرسول عليه السلام ، وعلى هذا فكأنه قيل : لما ثبت عجز الخصوم عن المعارضة ثبت كون القرآن حقاً ، وثبت كون محمد صلى الله عليه وسلم صادقاً في دعوى الرسالة ، ثم إنه كان يخبر عن أنه لا إله إلا الله فلما ثبت كونه محقاً في دعوى النبوة ثبت قوله : { أَن لاَّ إله إِلاَّ هُوَ } الثالث : أن ذكر قوله { وَأَن لاَّ إله إِلاَّ هُوَ } جار مجرى التهديد ، كأنه قيل : لما ثبت بهذا الدليل كون محمد عليه السلام صادقاً في دعوى الرسالة وعلمتم أنه لا إله إلا الله ، فكونوا خائفين من قهره وعذابه واتركوا الإصرار على الكفر واقبلوا الإسلام ونظيره قوله تعالى في سورة البقرة عند ذكر آية التحدي : { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فاتقوا النار التى وَقُودُهَا الناس والحجارة أُعِدَّتْ للكافرين } [ البقرة : 24 ] .
وأما قوله : { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } .
فإن قلنا : إنه خطاب مع المؤمنين كان معناه الترغيب في زيادة الإخلاص . وإن قلنا : إنه خطاب مع الكفار كان معناه الترغيب في أصل الإسلام ).ا هـ
خامسا أقوال أهل العلم في باب العلم بلا إله إلا الله
قال ابن حجر في فتح الباري - - (ج 1 / ص 160)
( قوله باب العلم قبل القول والعمل )
قال بن المنير أراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل فلا يعتبران الا به فهو متقدم عليهما لأنه مصحح للنية المصححة للعمل فنبه المصنف على ذلك حتى لا يسبق إلى الذهن من قولهم إن العلم لا ينفع الا بالعمل تهوين أمر العلم والتساهل في طلبه قوله فبدأ بالعلم أي حيث قال فاعلم أنه لا إله الا الله ثم قال واستغفر لذنبك والخطاب وإن كان للنبي صلى الله عليه و سلم فهو متناول لأمته واستدل سفيان بن عيينة بهذه الآية على فضل العلم كما أخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمته من طريقها فقال ألم تسمع أنه تعالي بدأ به فقال أعلم ثم أمره بالعمل وينتزع منها دليل ما يقوله المتكلمون من وجوب المعرفة لكن النزاع كما قدمناه إنما هو في إيجاب تعلم الأدلة على القوانين المذكورة في كتب الكلام وقد تقدم شيء من هذا في كتاب الإيمان) ا هـ
وجاء في شرح كتاب ثلاثة أصول (ج 1 / ص 37)
(حديث ابن عباس الذي فيه إرسال معاذ إلى اليمن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:«فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يعرفوا الله فإن هم عرفوا الله فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات»إلى آخره، فصارت المعرفة هنا بمعنى العلم بالتوحيد كما في الروايات الأخر، لكن التعبير بالمعرفة كما استعمله الشيخ رحمه الله تعالى هنا صحيح، وذلك لأنه قد ورد الاستعمال به، وإن كان أكثر ما جاء استعمال لفظ المعرفة في كونه مذموما.
قال هنا (معرفة العبد ربه) يعني معبوده، (معرفة العبد دينه، معرفة العبد نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم) هذه الأصول الثلاثة هي التي سيأتي تفصيلها والجواب عليها. )ا هـ
قال صاحب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد عن هذه الشهادة العظيمة:
(فدلالتها على نفي الآلهة وعبادتها / وإفراد الله تعالى بالعبادة: دلالة مطابقة) أ.هـ
وقد ذكر ذلك بصدد تناوله لقوله تعالى: [الصافات:35/36].
({إِنّهُمْ كَانُوَاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلََهَ إِلاّ اللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَإِنّا لَتَارِكُوَ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مّجْنُونٍ}
فقال: فعرفوا أنها تدل على ترك عبادة معبوداتهم.قال: ودلالتها على هذا [دلالة تضمن] وأن ذلك يقتضي إخلاص العبادة لله وحده فدلالتها على نفي الآلهة وعبادتها وإفراد الله تعالى بالعبادة [دلالة مطابقة].
فدلت لا إله إلا الله على نفي العبادة عن كل ما سوى الله، كائناً من كان، وإثبات الإلهية لله وحده دون ما سواه. وهذا هو التوحيد الذي دعت إليه الرسل ودل عليه القرآن من أوله إلى آخره؛ كما قال تعالى عن الجن: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيّ أَنّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مّنَ الْجِنّ فَقَالُوَاْ إِنّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً (1)يَهْدِيَ إِلَى الرّشْدِ فَآمَنّا بِهِ وَلَن نّشرِكَ بِرَبّنَآ أَحَداً(2)} [الجن:1 /2].
فلا إله إلا الله لا تنفع إلا من عرف مدلولها نفياً وإثباتاً واعتقد ذلك وقبله وعمل به. وأما من قالها عن غير علم واعتقاد وعمل، فقد تقدم كلام العلماء أن هذا جهل صرف، فهو حجة عليه بلا ريب )أ.هـ
وجاء في القول المفيد على كتاب التوحيد - (ج 1 / ص 38) محمد بن صالح العثيمين
(ولابد أن يوجد العلم بلا إله إلا الله ثم الشهادة بها) ا هـ وهذا الكلام ينكره مرة أخري حيث يري العذر بالجهل في التوحيد كما سنري إن شاء الله حيث أن جميع المشركين الذين يعذرون الناس بالشرك يتمسكون بقوله ولا يتمسكون بقول الله كما وضحنا سابقا قي الآيات السابقة وكما سنوضحه إن شاء الله تعالي
وجاء في حاشية الأصول الثلاثة - (ج 1 / ص 145) المؤلف : محمد بن عبد الوهاب & حاشية عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الحنبلي النجدي
قال (فيهتم الإنسان غاية الاهتمام بمعرفة أصل الدين إجمالا قبل الواجب من الفروع . الصلاة والزكاة وغير ذلك . فلا تصح الصلاة ولا الزكاة قبل الأصل . فلا بد من معرفة أصل الدين إجمالا . ثم معرفة فروعه تفصيلا . وفي حديث معاذ لما بعثه إلى اليمن قال له : « إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم. خمس صلوات في كل يوم وليلة » ، وهذا يفيد أنهم إذا لم يعلموا التوحيد ولم يعملوا به فلا يدعوهم للصلاة إن لم يطيعوه في الدخول في الإسلام . فإن الصلاة لا تنفع . ولا غيرها بدون التوحيد . فإنه لا يستقيم بناء على غير أساس . ولا فرع على غير أصل . والأصل والأساس هو التوحيد . والصلاة وإن كانت هي عمود الإسلام فمع ذلك لم تفرض إلا بعد الأمر بالتوحيد بنحو عشر سنين . ومما يبين أن التوحيد هو الأصل كونه يوجد من يدخل الجنة ، ولو لم يصل ركعة واحدة وذلك إذا اعتقد التوحيد وعمل به ومات متمسكا له . كأن يقتل قبل أن يصلي أو يموت . والصلاة لا تنفع وحدها . ولو صلى وزكى وصام . إذا لم يعتقد التوحيد وبذلك يعرف عظم شأن التوحيد . وما هلك من هلك إلا بترك العلم بالتوحيد والعمل به . وما دخل الشيطان على من دخل . ولا مزق عقول من مزق ولا وقع ما وقع إلا من آفة قولهم يكفي النطق بالشهادة . ومجرد المعرفة . حتى إن من علمائهم من لا يعرف التوحيد أصلا . وذلك لكونهم ابتلوا بالشرك . وعبادة الأوثان . وكثرة الشبهات الباطلة . فبذلك خفي التوحيد على كثير ممن يدعي العلم . لعدم المعرفة به . وإلا فمعرفة التوحيد والشرك من أهون ما يكون وأسهله ) ا هـ
وجاء في شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ - (ج 1 / ص 255)
({وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} هم أهل الثُّبُوتْ والقوة في العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم،لأنَّ الرسوخ هو الثبات والاستقرار والقوة والتمكن.
فهؤلاء يعلمون لأنَّ وصفهم بكونهم راسخين يقتضي أنهم يعلمون؛ لأنَّ الذي لا يعلم لا يُوصَفْ بالرسوخ في العلم، وهم متميزون عن غيرهم بالعلم والإيمان.
والرُّسُوخُ في العلم هو الرُّسُوخُ في أنواع العلم الثلاثة:1 - العلم بالتوحيد.
2 - العلم بالفقه.
3 - العلم باليوم الآخر والغيبيات.
فهؤلاء هم الراسخون في العلم، وقد يكون الرُّسُوخُ في العلم يتنوع أيضاً ولكن من لم يصحّ علمه بالتوحيد فإنه ليس بذي رسوخ في العلم مهما كان، لأنَّ أصل الأصول هو الاعتقاد، أصل الأصول هو التوحيد الذي معه يصح الفقه، يصح العمل، تصح العبادة، يصح الحكم والإفتاء إلى آخره.)ا هـ
وجاء في كتاب الإيمان والرد على أهل البدع – (ج 1 / ص 5) عبد الرحمن بن حسن محمد بن عبد الوهاب
(الفائدة الثانية معنى لا إله إلا الله
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم رحمك الله: أن كلمة الإخلاص "لا إله إلا الله" لا تنفع قائلها إلا بمعرفة معناها، وهو نفي الإلهية عما سوى الله -تعالى- والبراءة من الشرك في العبادة، وإفراد الله بالعبادة بجميع أنواعها كما قال -تعالى-: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ}[سورة آل عمران آية: 64] ومعنى {سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}أي: نستوي نحن وأنتم في قصر العبادة، وترك الشرك كله.
وقال الخليل -عليه السلام-: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[ الزخرف: 26] فهذا هو حقيقة معنى لا إله إلا الله، وهو البراءة من كل ما يعبد من دون الله، وإخلاص العبادة له وحده، وهذا هو معناها الذي دلَّت عليه هذه الآيات، وما في معناها. فمن تحقق ذلك وعلمه، فقد حصل له العلم بها المنافي لما عليه أكثر الناس حتى من ينتسب إلى العلم من الجهل بمعناها).ا هـ
وجاء في موسوعة توحيد رب العبيد – تيسير العزيز الحميد (ج 4 / ص 174)
(وفيه أن الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا اللّه، المراد بها الدعوة إلى الإخلاص بها وترك الشرك وإلا فاليهود يقولونها، ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إليها بينهم وبين من لا يقولها من مشركي العرب، فعلم أن المراد من هذه الكلمة هو اللفظ بها، واعتقاد معناها، والعمل به، وذلك هو معنى قوله تعالى:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} ).ا هـ
وجاء في الدرر السنية في الكتب النجدية - (ج 15 / ص 490)
(وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب وغيرهم، إلى معنى لا إله إلا الله، قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران : 64].
فأصل الملة دين الإسلام، ومعنى لا إله إلا الله في هاتين الكلمتين {أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً و} [آل عمران : 64]، وقوله: {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران : 64]. فهذا المنهي عنه، هو الواقع من كثيرين، اتخذوا بعضهم من الأموات أربابا من دون الله، يدعونهم، ويرجونهم، ويستغيثون بهم في المهمات، ويرغبون إليهم في كشف الكربات؛ هذا وهم رفات أموات، لا يسمعون، ولا يستجيبون.
ولما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين إلى أن يقولوا: لا إله إلا الله، أخبر تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات : 35-36]. فترك الآلهة والبراءة من عبادتها، قد دلت عليه لا إله إلا الله دلالة تضمن، كما في هذه الآية.
وقال في السورة بعدها عن المشركين، لما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التوحيد قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5]. فهذا الذي عجب منه المشركون، هو دين الله الذي أرسل به رسله، وأنزل به كتبه: أن العبادة والتأله حق الله على عباده،) ا هـ
وجاء في فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ - (ج 1 / ص 69)
(وقد جاء تفسير لا إله إلا الله مبينًا في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ - إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ - وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) والمراد بالكلمة المذكورة في هذه الآية لا إله إلا الله، فإن المعنى أَن إبراهيم عليه السلام جعل (إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ - إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) كلمة باقية في عقبه أَي ذريته يدين بها منهم من لا يشرك بالله شيئًا، ومن المعلوم عند العلماء من المفسرين وغيرهم أَن الكلمة التي ترك إبراهيم عليه السلام في عقبه هي لا إله إلا الله، فكان معبرًا عنها في هذه الآية الكريمة (إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ - إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) فاتضح بذلك أَن هذا هو معنى لا إله إلا الله.
ومما يفسر لا إله إلا الله ويوضح معناها أَيضًا قوله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) فإنه لا كلمة يدعو إليها النبي صلى الله عليه وسلم أَهل الكتاب وغيرهم سوى كلمة الإخلاص لا إله إلا الله، وجاءت هذه الكلمة مفسرة في هذه الآية يقول الله عز وجل: (أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا) وهذا من أَبين شيء في تفسير لا إله إلا الله.هذا ما نعتقده وندين الله به). ا هـ
وجاء في موسوعة مؤلفات الإمام محمد بن عبد الوهاب - (ج 8 / ص 98)
(القسم الثالث / بيان معنى لا إله إلا الله وما يناقضها من الشرك في العبادة
الرسالة الثالثة والعشرون ( ص 161 ) بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الوهاب إلي ثنيان بن سعود سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : سألتم عن معني قوله تعالي لنبيه صلي الله عليه وسلم : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) وكونها نزلت بعد الهجرة فهذا مصداق كلامي لكم مراراً عديدة أن الفهم الذي يقع في القلب غير فهم اللسان وذلك أن هذه المسألة من أكثر ما يكون تكرارً عليكم وهي التي بوب لها الباب الثاني في كتاب التوحيد وذلك أن العلم لا يسمي علماً إلا إذا أثمر وإن لم يثمر فهو جهل كما قال تعالي : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) وكما قال عن يعقوب ( وإنه لذو علم لما علمناه ) والكلام في تقرير هذا ظاهر، والعلم هو الذي يستلزم العمل ومعلوم تفاضل الناس في الأعمال تفاضلا لا ينضبط وكل ذلك بسبب تفاضلهم في العلم فيكفيك في هذا استدلال الصديق على عمر في قصة أبي جندل مع كونها من أشكل المسائل التي وقعت في الأولين والآخرين شهادة أن محمداً رسول الله، وسر المسألة العلم بلا إله إلا الله، ومن هذا قوله تعالى لنبيه صلي الله عليه وسلم ( ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير.
ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض ) فإن العلم بهذه الأصول الكبار يتفاضل فيه الأنبياء فضلا عن غيرهم، ولما نهى نوح بنيه عن الشرك أمرهم بلا إله إلا الله فليس هذا تكراراً ؛ بل هذان أصلان مستقلان كبيران وإن كانا متلازمين فالنهي عن الشرك يستلزم الكفر بالطاغوت، ولا إله إلا الله الإيمان بالله، وهذا وإن كان متلازماً فيوضحه لكم الواقع وهو أن كثيراً من الناس يقول لا أعبد إلا الله وأنا أشهد بكذا وأقر بكذا ويكثر الكلام فإذا قيل له ما تقول في فلان وفلان إذا عبدا أو عبدا من دون الله قال ما علي من الناس الله أعلم بحالهم، ويظن بباطنه أن ذلك لا يجب عليه فمن أحسن الاقتران أن الله قرن بين الإيمان به والكفر بالطاغوت فبدأ بالكفر به على الإيمان بالله وقرن الأنبياء بين الأمر بالتوحيد النهى عن الشرك مع أن في الوصية بلا إله إلا الله ملازمة الذكر بهذه اللفظة والإكثار منها ويتبين عظم قدرها كما بين صلى الله عليه وسلم فضل سورة ( قل هو الله أحد ) على غيرها من السور ذكر أنها تعدل ثلث القرآن مع قصرها، وكذلك حديث موسى عليه السلام فإن في ذكره ما يقتضي كثرة الذكر بهذه الكلمة كما في الحديث ( أفضل الذكر لا إله إلا الله ) والسلام )ا هـ
سادسا شروط لا الله إلا الله:جاء في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - (ج 37 / ص 118).
(تقديم :
في تعريف الشرط، الشرط لغة:- بسكون الراء- هو إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه. جمعه شروط. تقول: شرط له أمراً: التزمه وعليه أمراً: ألزمه إياه.وفي الاصطلاح: ما يتوقف ثبوت الحكم عليه
وقيل: ما لا يوجد المشروط مع عدمه ولا يلزم أن يوجد عند وجوده .
وقيل: ما يتوقف عليه صحة شروطه
وقيل : ما توقف الشيء على وجوده ولم يكن جزءاً من حقيقته. كالوضوء في الصلاة. فإنه شرط لصحة الصلاة. فإذا لم يوجد لم تصح الصلاة، وليس الوضوء جزءاً من حقيقة الصلاة. وهكذا كل ما جعله الشارع شرطاً لشيء. فإن هذا الشيء لا يتحقق ولا يعتد به- في نظر الشارع إلا إذا تحقق ذلك الشرط- وإن لم يكن جزءاً من حقيقته وهذا التعريف: هو الأولى، لأنه يتضمن ما أشارت إليه التعاريف السابقة وعليه: فشروط الشيء هي التي لا يصح إلا بتوافرها.
وإذاً فشروط لا الله إلا الله. هي: التي لا تصح لا الله إلا الله إلاّ بتوافرها. وهي سبعة نظمها أحد العلماء في قوله.
علم يقين وإخلاص وصدقك مع                     محبة وانقياد والقبول لها
كما جمعها الشيخ حافظ في قوله:
وبشروط سبعة قد قيدت                          وفي نصوص الوحي حقاً وردت
فإنه لم ينتفع قائلها                                 بالنطق إلا حيث يستكملها
والعلم واليقين والقبول                            والانقياد فادر ما أقول
والصدق والإخلاص والمحبة                      وفقك الله لما أحبه
والآن نشرع في بيان كل شرط منها بشيء من الإيضاح
الشرط الأول: العلم.العلم لغة: نقيض الجهل. تقول علمه علماً- أي- عرفه حق المعرفة وفي التنزيل : { … مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ [الأنفال: 60] .
وعلم الرجل: خبره، وأحب أن يعلمه: أن يخبره. وعلم بالشيء: شعر به ودرى. يقال: ما علمت بخبر قدومك، أي: ما شعرت. وفي التنزيل :{ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ [يس: 26].
وعلم الأمر وتعلمه: أتقنه.
وعلمت العلم نافعاً: أيقنت وصدقت. وفى التنزيل :{ … فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ [الممتحنة: 10]
وفي الاصطلاح: عرف بتعاريف كثيرة، اخترت منها هذا التعريف.
وهو : معرفة المعلوم على ما هو به. وهو ما اختاره أبو يعلى في كتابه العدة - بعد أن عرض بعض التعاريف وناقشها مبيناً عدم صحتها وأن هذا التعريف هو الصحيح. وذلك أن هذا الحد- كما قال القاضي أبو بكر: "يحصره على معناه ولا يدخل فيه ما ليس منه، ولا يخرج منه شيئاً هو منه. والحد إذا أحاط بالمحدود على هذا السبيل وجب أن يكون حداً ثابتاً صحيحاً … وقد ثبت أن كل علم تعلق بمعلوم فإنه معرفة له وكل معرفة لمعلوم فإنها علم به، فوجب توثيق الحد الذي حددنا به العلم" . وعليه فالعلم بلا إله إلا الله: معرفتها بحقيقتها. وهو: أن تعلم بمعناها نفيا وإثباتاً علماً منافياً للجهل.
ومعناها : البراءة من كل ما يعبد من دون الله، وإخلاص العبادة لله وحده باللسان والقلب وسائر الجوارح.
وقد دل الكتاب والسنة على ذلك. فمن الكتاب:
قوله تعالى: { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ … } الآية.
وهذه الآية- كما نرى- صريحة في اشتراط العلم بلا إله إلا الله.
قال الوزير أبو المظفر في الإفصاح: "قوله "شهادة أن لا إله إلا الله "
يقتضي أن يكون الشاهد عالماً بأنه لا إله إلا الله. كما قال تعالى : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ } .
وقوله تعالى : { وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } .
والشاهد- قوله : { إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } .
إذا المراد بشهادة الحق: قول لا إله إلا الله فيكون المعنى: إلا من شهد أن لا إله إلا الله وهم يعلمون معنى ما نطقوا به.
وقوله تعالى : { هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ … } الآية .
ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم "من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة".
وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبادة بن الصامت. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ".
والشاهد : قوله "من شهد"كيف يشهد وهو لا يعلم، إذ مجرد النطق بالشيء لا يسمى شهادة به.
وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال العبد أشهد أن لا إله إلا الله قال الله يا ملائكتي علم عبدي أنه ليس له رب غيري- أشهدكم أني قد غفرت له ".
وقوله صلى الله عليه وسلم : "من علم أن الله ربه وأني نبيه موقنا من قلبه حرمه الله على النار".
هذه بعض الأدلة من الكتاب والسنة التي توضح شرطية العلم بلا إله إلا الله ولاشك أن العلم لا يكون علماً إلا إذا كان نافعاً ولا يكون نافعاً إلا مع العمل. فمن لم ينتفع بهذه الشهادة بالعمل بما تقتضيه لم يتحقق لديه شرط العلم.
قال البقاعي: ""لا إله إلا الله "أي انتفى انتفاءً عظيماً أن يكون معبوداً بحق غير الملك الأعظم، فإن هذا العلم هو أعظم الذكرى المنجية من أهوال الساعة، وإنما يكون علماً إذا كان نافعاً وإنما يكون نافعاً إذا كان مع الإِذعان والعمل بما تقتضيه وإلا فهو جهل صرف" .
والمراد من هذه الكلمة- كما ذكرت آنفاً- معناها وتحقيقها بالعمل بمقتضاها لا مجرد لفظها فإن المنافقين كانوا يقولونها وهم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار.
والكفار- مع جهلهم بما جاء في الكتاب والسنة- يعلمون أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة هو إفراد الله بالتعلق والكفر بما يعبد من دون الله والبراءة منه، فإنه لما قال لهم: "قولوا لا إله إلا الله"قالوا: { أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ!} .
فإذا عرفت أن جهال الكفار يعرفون ذلك، فالعجب ممن يدعي الإسلام وهولا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما عرفه جهال الكفرة بل يظن أن ذلك: هو التلفظ بحروفها من غير اعتقاد القلب لشيء من المعاني، والحاذق منهم يظن أن معناها: لا يخلق ولا يرزق إلا الله. فلا خير في إنسان جهال الكفار أعلم منه بلا اله إلا الله. وبسبب هذا الجهل ضل من ضل منهم حين قلبوا حقيقة المعنى فأثبتوا الإلهية المنفية لمن نفيت عنه من المخلوقين أرباب القبور والمشاهد والأشجار والأحجار والجن وغير ذلك. فلهذا تجدهم يقولون لا إله إلا الله وهم يدعون مع الله غيره، وما ذاك إلا بسبب الجهل بمعنى لا إله إلا الله والحد الأدنى للعلم بشهادة أن لا إله إلا الله العلم بمعناها بصورة إجمالية ويأتي بعد هذا الحد درجات يتفاوت الناس فيها في العلم بهذه الشهادة أعلاها البصيرة التي تكون بنسبة المعلوم فيها إلى القلب كنسبة المرئي إلى البصر . وبقدر العلم والجهل يحصل التفاضل في الإِيمان بها، إذ أن العلم يستلزم العمل فكلما زاد العلم زاد العمل، وبذلك يزداد الإيمان ومن ثم يحصل التفاضل فيه) ا هـ
يقول الشيخ حلمي هاشم في شهد الاعتقاد ج2ص10-11(فإنكار الشرط - من شروط صحة التوحيد - هو من إنكار أو جحود الفرض، ويستوي في ذلك:
- التصريح بالإنكار أو الجحود.
- أو تصحيح الاعتقاد بدون شروط صحته بالمعاندة للنصوص الشرعية والضوابط الحاكمة،
ومن هذه الشاكلة - على سبيل المثال - من أنكر فريضة الوضوء لصحة الصلاة ، مع القدرة ، فقد جحد الفرض، وأيضاً من قال بصحة الصلاة بغير وضوء عامة ، فقد جحد فريضة الوضوء أيضاً ولو لم يصرح بالجحود. وهكذا بالنسبة لسائر شروط صحة العبادات المنصوص عليها صراحة من حيث المبدأ.
ولهذا فإننا نحذر ونذكر أن إنكار شيء من شروط صحة التوحيد، أو القول بصحة التوحيد مع فقد شيء من أركانه أو شيء من شروط صحته أن ذلك من جنس (استحلال ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله)، يعلم هذا من يعلمه، ويجهل هذا من يجهل لن يغير ذلك من الأمر شيئاً، ولعله مما يؤكد ذلك ما ذكره أهل العلم في كثير من مصنفاتهم من أن النطق بالشهادتين من غير معرفة معناها، ولا عمل بمقتضاها، لا تغني عن صاحبها شيئاً .
قال صاحب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد: قوله (من شهد أن لا إله إلا الله) أي من تكلم بها عارفاً لمعناها عاملاً بمقتضاها، باطناً وظاهراً، فلا بد في الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولها؛ كما قال تعالى:
{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ }. وقوله تعالى: { إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }.
أما النطق بها من غير معرفة معناها ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه من البراءة من الشرك وإخلاص القول والعمل.. فغير نافع بالإجماع) أ.هـ
وجاء في فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ - (ج 6 / ص 161)(وللجهاد " أربع مراتب" الأولى : جهاد النفس الثانية : جهاد الشيطان . الثالثة : جهاد أهل الظلم والبدع والمنكرات . الرابعة : جهاد الكفار والمنافقين ، وقد ذكر شمس الدين ابن القيم في (زاد المعاد) هذه المراتب مجملة ،ونحن نثبتها هنا بالتفصيل
فأما جهاد ا لنفس فهو " أربع مراتب" أيضاً : الأولى : أن يجاهد الإنسان نفسه على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به ، ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين .
وهذا هو العلم الذي افترض الله عل كل إنسان معرفته ، وهو : معرفة الله سبحانه ، ومعرفة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة .وقد بدأ الله سبحانه وتعالى بالعلم قبل القول والعمل ، فقال تعالى : { فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك } .
ولابد لنا أن نعلم الفرق في هذه الآية الكريمة وما ماثلها من الآيات بين العلم بلا إله إلا الله وبين مجرد التلفظ بها ، فالله عز وجل يأمرنا أن نعلم بأنه لا إله إلا الله ، وحينئذ يتبين لنا أن الله افترض على عباده من الجن والإنس أن يعرفوا معنى لا إله إلا الله لكي يستغفروه ويعبدوه على بصيرة
، لكي لا يضلوا كما ضل النصارى وافترض الله على عباده معرفة معنى لا إله إلا الله لكي يعرفوا معنى المعبود ، حتى لا يقعوا في عبادة عبد من عبيد الله أو مخلوق آخر من مخلوقاته ، كما قد وقع من كثير من المنتسبين للإسلام الذين عبدوا الأنبياء والصالحين وغيرهم) ا هـ .
وجاء في كتاب الانتصار لحزب الله الموحدين والرد على المجادل عن المشركين- (ج 1 / ص 14)الشيخ عبد الرحمن بن بطين وهو من أوائل الكتب المتعلقة بموضوع الجهل بالتوحيد
قال (وقال ابن هبيرة في الإفصاح قوله: شهادة أن لا إله إلا الله تقتضي أن يكون الشاهد عالما بأن لا إله إلا الله, قال تعالى:{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ } وينبغي أن يكون الناطق بها شاهدا فيها, فقد قال الله تعالى- ما أوضح به- أن الشاهد بالحق إذا لم يكن عالما بما شهد به, فإنه غير بالغ من الصدق به مع من شهد لك بما يعلمه في قوله تعالى: { إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
قال: واسم الله: مرتفع بعد إلا, من حيث أنه الواجب له الإلهية, فلا يستحقها غيره سبحانه.
قال: واقتضى الإقرار بها أن تعلم أن كل ما فيه أمارة للحدث فإنه لا يكون إلها, فإذا قلت: إلا إله إلا الله. اشتمل نطقك هذا على أن ما سوى الله ليس بإله، فيلزمك إفراده سبحانه بذلك وحده.
قال: وجملة الفائدة في ذلك: أن تعلم أن هذه الكلمة هي مشتملة على الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، فإنك لما نفيت الإلهية, وأثبت الإيجاب لله كنت ممن كفر بالطاغوت وآمن بالله). انتهى.
وفي ( ص 16) قال
الله سبحانه فرض على عباده معرفة معنى: لا إله إلا الله, وأن يعلموا أن لا إله إلا هو قال تعالى:{ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}.
وترجم البخاري على الآية فقال: باب العلم قبل القول والعمل
أشار إلى أن العلم بمعنى: لا إله إلا الله, أول واجب. ثم بعد ذلك القول والعمل.
وقال الله تعالى:{ هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ}لم يقل: ليقولوا: إنما هو إله واحد وقال:{ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} أي: واعلموا أن لا إله إلا هو.
وقال تعالى:{ وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} قال المفسرون: إلا من شهد بلا إله إلا الله, وهم يعلمون بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة"
واستدل العلماء بهذه الآيات ونحوها: على أن أول واجب على الإنسان معرفة الله.
ودلت هذه الآيات: على أن آكد الفرائض العلم بمعنى لا إله إلا الله, وأن أعظم الجهل نقص العلم بمعناها؛ إذ كان معرفة معناها آكد الواجبات, فالجهل بذلك أعظم الجهل وأقبحه.
ومن العجب أن بعض الناس إذا سمع من يتكلم في معنى هذه الكلمة نفيا وإثباتا، عاب ذلك, وقال: لسنا مكلفين بالناس والقول فيهم!
فيقال له: بل أنت مكلف بمعرفة التوحيد الذي خلق الله الجن والإنس لأجله, وأرسل جميع الرسل يدعون إليه, ومعرفة ضده وهو الشرك الذي لا يغفر. ولا عذر لمكلف في الجهل بذلك.
ولا يجوز فيه التقليد؛ لأنه أصل الأصول.
فمن لم يعرف المعروف وينكر المنكر فهو هالك, لاسيما أعظم المعروف / وهو التوحيد, وأكبر المنكرات وهو الشرك.
قال رجل لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه: هلكت إن لم آمر بالمعروف وأنه عن المنكر‍‍! فقال ابن مسعود: هلكت إن لم يعرف قلبك المعروف وينكر المنكر
وبمعرفة التوحيد يعرف أهله؛ كما قال علي رضي الله عنه‍‍: اعرف الحق تعرف أهله) ا هـ
وجاء في كتاب شهد الاعتقاد للشيخ حلمي هاشم ج2 ص110
قال علي بن أبي طالب في رسالته الشهيرة لكميل بن زياد النخعي: (وكفي بالمرء جهلاً ألا يعرف دينه).
قال ابن القيم في إعلام الموقعين. جـ2. صـ 443عن هذا الحديث: وهو حديث مشهور عند أهل العلم يستغني عن الإسناد لشهرته عندهم
كما قال رحمه الله في موضع آخر من كتابه صـ475: ولا يكون العبد مطيعاً لله ورسوله حتى يكون عالماً بأمر الله ورسوله، ومن أقر على نفسه بأنه ليس من أهل العلم بأوامر الله ورسوله - وإنما هو مقلد فيها لأهل العلم - لم يمكنه تحقيق طاعة الله ورسوله البتة )
وهذا الكلام لابن القيم رحمه الله قد وافق فيه تمام الموافقة ما ذكره ابن رجب الحنبلي رحمه الله صاحب جامع العلوم والحكم. شرح الحديث الثامن عشر ، والذي يقول فيه: أصل التقوى أن يعلم العبد ما يتقي) أ.هـ
فالعلم هو الأساس في العبادة وكل عمل صالح لأنه لا بد فيه من متابعة السنة وما ورد به الشرع، فإذا جهل السنة وما ورد به الشرع، كان العمل على خلافه، ومن ثم لا يمكن أن يوصف بالصلاح ولا بالتقوى.
*ونقل رحمه الله عن معروف الكرخي قوله: كيف يكون من المتقين من لا يدري ما يتقي) أ.هـ
سابعا ملخص تفسير الآيات السابقة وأقوال العلماء
1- لقد أرسل جميع الرسل بالتوحيد( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) [الأنبياء/25] كما قال: { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ } [الزخرف: 45]وقال: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ }النحل:36] وهذا التوحيد هو أصل الدين الذي اتفقت فيه الرسل والمخالف للرسل في هذا التوحيد مشرك قد عبد الطاغوت الذي أمر الله بالكفر به لقوله تعالي(فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)
2- إن معني لا إله إلا الله هو الكفر بالطاغوت والإيمان بالله كما ذكر في أيه النحل 36 وأيه البقرة256 وأيه الزخرف 45 وهذا المعني (الكفر بالطاغوت والإيمان بالله )هو الذي يدخل الناس في دائرة الإسلام وعدم تحققه قولا وعلما وعملا لا يعتبر الإنسان مسلم بل هو مشرك عبد الطاغوت وأشرك بالله وهو الذي ينبغي دعوة المشركين الذين لا يعرفون معني لا إله إلا الله إليه كما قال تعالي{ قُلْ يا أهل الكتاب تَعَالَوْاْ إلى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَن لا نَعْبُدَ إِلاَّ الله وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً } [ آل عمران : 64 ] وقال تعالي(قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36) [الرعد/36])
وقد جاء في تفسير ابن كثير - (ج 4 / ص 467)
({ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ } أي: إنما بعثت بعبادة الله وحده لا شريك له، كما أرسل الأنبياء من قبلي، { إِلَيْهِ أَدْعُو } أي: إلى سبيله أدعو الناس، { وَإِلَيْهِ مَآبِ } أي: مرجعي ومصيري.)ا هـ
وجاء في تفسير الطبري - (ج 16 / ص 473)
(فقل لهم:(إنَّما أمرتُ) ، أيها القوم(أن أعبد الله) وحده دون ما سواه=(ولا أشرك به) ، فأجعل له شريكًا في عبادتي، فأعبدَ معه الآلهةَ والأصنامَ، بل أخلِص له الدين حَنِيفًا مسلمًا =(إليه أدعو)، يقول: إلى طاعته وإخلاص العبادة له أدعو الناسَ=(وإليه مآب) ، يقول: وإليه مصيري)ا هـ
وجاء في فتح القدير - (ج 4 / ص 118)
(أي : لا أشرك به بوجه من الوجوه أي قل لهم : يا محمد إلزاماً للحجة ، ورّداً للإنكار : إنما أمرت فيما أنزل إليّ بعبادة الله وتوحيده ، وهذا أمر اتفقت عليه الشرائع وتطابقت على عدم إنكاره جميع الملل المقتدية بالرسل) .ا هـ
وجاء في تفسير الرازي - (ج 9 / ص 188)
({ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَابِ } وهذا الكلام جامع لكل ما ورد التكليف به ، وفيه فوائد : أولها : أن كلمة «إنما» للحصر ومعناه إني ما أمرت إلا بعبادة الله تعالى ، وذلك يدل على أنه لا تكليف ولا أمر ولا نهي إلا بذلك . وثانيها : أن العبادة غاية التعظيم ، وذلك يدل على أن المرء مكلف بذلك . وثالثها : أن عبادة الله تعالى لا تمكن إلا بعد معرفته ولا سبيل إلى معرفته إلا بالدليل ، فهذا يدل على أن المرء مكلف بالنظر والاستدلال في معرفة ذات الصانع وصفاته ، وما يجب ويجوز ويستحيل عليه . ورابعها : أن عبادة الله واجبة ، وهو يبطل قول نفاة التكليف ، ويبطل القول بالجبر المحض . وخامسها : قوله : { وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ } وهذا يدل على نفي الشركاء والأنداد والأضداد بالكلية ، ويدخل فيه إبطال قول كل من أثبت معبوداً سوى الله تعالى سواء قال : إن ذلك المعبود هو الشمس أو القمر أو الكواكب أو الأصنام والأوثان والأرواح العلوية أو يزدان وأهرمن على ما يقوله المجوس أو النور والظلمة على ما يقوله الثنوية . وسادسها : قوله : { إِلَيْهِ ادعوا } والمراد منه أنه كما وجب عليه الإتيان بهذه العبادات فكذلك يجب عليه الدعوة إلى عبودية الله تعالى وهو إشارة إلى نبوته . وسابعها : قوله : { وَإِلَيْهِ مَابِ } وهو إشارة إلى الحشر والنشر والبعث والقيامة فإذا تأمل الإنسان في هذه الألفاظ القليلة ووقف عليها عرف أنها محتوية على جميع المطالب المعتبرة في الدين ).ا هـ
3- إن علماء المشركين اليوم الذين يدعون الناس إلي فروع الشريعة ويتركون أصل الدين ويعذرون من يعبدون الطواغيت بالجهل هؤلاء لا يقرءون هذه الآية ولا يعرفون معناها ولا يعملون بها (قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36) [الرعد/36]
4- إن كل فرد مكلف يجب عليه معرفة التوحيد كما قال بن بطين (بل أنت مكلف بمعرفة التوحيد الذي خلق الله الجن والإنس لأجله, وأرسل جميع الرسل يدعون إليه, ومعرفة ضده وهو الشرك الذي لا يغفر. ولا عذر لمكلف في الجهل بذلك.ولا يجوز فيه التقليد؛ لأنه أصل الأصول.) و كما جاء في الدرر للبقاعي( أن التوحيد فرض عين على كل أحد بخصوصه) وكما قال السعدي(العلم بتوحيد الله- فرض عين على كل إنسان، لا يسقط عن أحد، كائنا من كان، بل كل مضطر إلى ذلك) ا هـ
5- و كما قال الشيخ محمد بن إبراهيم لابد لنا أن نعلم الفرق بين العلم بلا إله إلا الله وبين مجرد التلفظ بها ، فالله عز وجل يأمرنا أن نعلم بأنه لا إله إلا الله ، وحينئذ يتبين لنا أن الله افترض على عباده من الجن والإنس أن يعرفوا معنى لا إله إلا الله لكي يستغفروه ويعبدوه على بصيرة) ا هـ
وذلك لان كثير من المشركين اليوم يقولون أن من يقول لا إله إلا الله يعلم معناها فهم ما يعلمون قوله تعالي "من شهد"كيف يشهد وهو لا يعلم، إذ مجرد النطق بالشيء لا يسمى شهادة به. ولم يعلموا قوله تعالي (وهم يعلمون) . كما مر في زاد المسير( وفي الآية دليل على أن شرط جميع الشهادات أن يكون الشاهد عالماً بما يَشهد به )ا هـ
وكما قال الرازي{ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } وهذا القيد يدل على أن الشهادة باللسان فقط لا تفيد ألبتة ، واحتج القائلون بأن إيمان المقلد لا ينفع ألبتة ، فقالوا بيّن الله تعالى أن الشهادة لا تنفع إلا إذا حصل معها العلم )ا هـ
 وهو ما ذكر في حاشية الأصول الثلاثة عند الحديث علي دعوة معاذ لأهل اليمن( وهذا يفيد أنهم إذا لم يعلموا التوحيد ولم يعملوا به فلا يدعوهم للصلاة إن لم يطيعوه في الدخول في الإسلام . فإن الصلاة لا تنفع . ولا غيرها بدون التوحيد . فإنه لا يستقيم بناء على غير أساس . ولا فرع على غير أصل) ا هـ
6- العلم المطلوب هو العلم المجمل كما قال البقاعي (والحد الأدنى للعلم بشهادة أن لا إله إلا الله العلم بمعناها بصورة إجمالية ومعناه ولا يدخل فيه ما ليس منه، ولا يخرج منه شيئاً هو منه.) ا هـ
ولاشك أن العلم لا يكون علماً إلا إذا كان نافعاً ولا يكون نافعاً إلا مع العمل. فمن لم ينتفع بهذه الشهادة بالعمل بما تقتضيه لم يتحقق لديه شرط العلم. فالعلم بلا إله إلا الله: معرفتها بحقيقتها. وهو: أن تعلم بمعناها نفيا وإثباتاً علماً منافياً للجهل.
ومعناها : البراءة من كل ما يعبد من دون الله، وإخلاص العبادة لله وحده باللسان والقلب وسائر الجوارح). ا هـ فمن وقع في الشرك الأكبر وعبد غير الله يعتبر لم يعلم بل هو جاهل بلا إله إلا الله و كما ذكر الرازي سابقا والعلم عبارة عن اليقين الذي لو شكك صاحبه فيه لم يتشكك ، وهذا لم يحصل إلا عند الدليل ، فثبت أن إيمان المقلد لا ينفع ألبتة ).ا هـ
ولذلك من لا يعرف الشرك أو لا يكفر المشركين كما هو حال علماء الشرك اليوم وكما مر كلام الإمام محمد( أن كثيراً من الناس يقول لا أعبد إلا الله وأنا أشهد بكذا وأقر بكذا ويكثر الكلام فإذا قيل له ما تقول في فلان وفلان إذا عبدا أو عبدا من دون الله قال ما علي من الناس الله أعلم بحالهم، ويظن بباطنه أن ذلك لا يجب عليه فمن أحسن الاقتران أن الله قرن بين الإيمان به والكفر بالطاغوت فبدأ بالكفر به على الإيمان بالله وقرن الأنبياء بين الأمر بالتوحيد النهى عن الشرك) ا هـ
وبذلك يصبح كل من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم كافر لأنه لم يكفر بالطاغوت كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب (فأما صفة الكفر بالطاغوت فهو أن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها وتبغضها، وتكفر أهلها، وتعاديهم.
وأما معنى الإيمان بالله فهو أن تعتقد أن الله هو الإله المعبود وحده دون من سواه، وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله، وتنفيها عن كل معبود سواه، وتحب أهل الإخلاص وتواليهم، وتبغض أهل الشرك وتعاديهم.
وهذه ملة إبراهيم التي سفه نفسه من رغب عنها، وهذه هي الأسوة التي أخبر الله بها في قوله:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}1 الممتحنة.) ا هـ
ويقول في الرسائل الشخصية - (ج 1 / ص 141)
(وأما أهل السنة فمذهبهم : أن المسلم لا يكفر إلا بالشرك، ونحن ما كفرنا الطواغيت وأتباعهم إلا بالشرك وأنت رجل من أجهل الناس تظن أن من صلى وادعى أنه مسلم لا يكفر، فإذا كنت تعتقد ذلك فما تقول في المنافقين الذين يصلون ويصومون ويجاهدون قال الله تعالى فيهم ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) وما تقول في الخوارج الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد أينما لقيتموهم فاقتلوهم ) أتظنهم ليسوا من أهل القبلة ؟ ما تقول في الذين اعتقدوا في علي بن أبي طالب رضي الله عنه مثل اعتقاد كثير من الناس في عبد القادر وغيره فأضرم لهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه مثل نارا فأحرقهم بها وأجمعت الصحابة على قتلهم، لكن ابن عباس أنكر تحريقهم بالنار، وقال يقتلون بالسيف أتظن هؤلاء ليسوا من أهل القبلة ؟ أم أنت تفهم الشرع وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفهمونه ؟ أرأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قاتلوا من منع الزكاة، فلما أرادوا التوبة قال أبو بكر لا نقبل توبتكم حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار أتظن أن أبا بكر وأصحابه لا يفهمون ؟ وأنت وأبوك الذين تفهمون يا ويلك أيها الجاهل الجهل المركب إذا كنت تعتقد هذا، وأن من أم القبلة لا يكفر فما معنى هذه المسائل العظيمة الكثيرة التي ذكرها العلماء في باب حكم المرتد التي كثير منها في أناس أهل زهد وعبادة عظيمة، ومنها طوائف ذكر العلماء أن من شك في كفرهم فهو كافر، ولو كان الأمر على زعمك لبطل كلام العلماء في حكم المرتد إلا مسألة واحدة وهي الذي يصرح بتكذيب الرسول وينتقل يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ونحوهم هذا هو الكفر عندك يا ويلك ما تصنع بقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا تقوم الساعة حتى تعبد فئام من أمتي الأوثان ) وكيف تقول هذا وأنت تقر أن من جعل الوسائط كفر ؟ فإذا كان أهل العلم في زمانهم حكموا على كثير من
أهل زمانهم بالكفر والشرك أتظن أنكم صلحتم بعدهم يا ويلك ؟ ا هـ
ومن أعظم المصائب: إعراض أكثر الناس عن النظر في معنى هذه الكلمة العظيمة,حتى صار كثير منهم يقول: من قال: لا إله إلا الله ، ما نقول فيه شيئا وإن فعل ما فعل!!؛ لعدم معرفتهم بمعنى هذه الكلمة نفيا وإثباتا.
مع أن قائل ذلك لا بد أن يتناقض, فلو قيل له: ما تقول فيمن قال: لا إله إلا الله, ولا يقر برسالة محمد بن عبد الله؟؟. لم يتوقف في تكفيره ، أو أقر بالشهادتين وأنكر البعث ؟ لم يتوقف في تكفيره/ ! أو استحل الزنا أو اللواط أو نحوهما, أو قال: إن الصلوات الخمس ليست بفرض! أو أن صيام رمضان ليس بفرض؟!
فلا بد أن يقول بكفر من قال ذلك!! فكيف لا تنفعه لا إله إلا الله إذن, ولا تحول بينه وبين الكفر!
فإذا ارتكب ما يناقضها: وهو عبادة غير الله: وهو الشرك الأكبر الذي هو أكبر الكبائر. قيل: هو يقول لا إله إلا الله, ولا يجوز تكفيره؛ لأنه يتكلم بكلمة التوحيد!! لكن آفة الجهل والتقليد أوجبت ذلك.
وهؤلاء ونحوهم إذا سمعوا من يقرر أمر التوحيد ويذكر الشرك, استهزأوا به وعابوه!قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه - في أثناء كلام له: - والضالون مستخفون بتوحيد الله: يعظمون دعاء غيره من الأموات, وإذا أمروا بالتوحيد ونهوا عن الشرك استخفوا به, كما قال تعالى: { وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا * إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا َلَيْهَا} الآية
فاستهزأوا بالرسول لما نهاهم عن الشرك, وما زال المشركون يسبون الأنبياء ويصفونهم بالسفاهة والضلال والجنون إذا دعوهم إلى التوحيد؛ لما في أنفسهم من تعظيم الشرك.
وكذلك من فيه شبه منهم: إذا رأوا من يدعو إلى التوحيد, استهزأوا بذلك ؛ لما عندهم من الشرك.
ومن كيد الشيطان لمبتدعة هذه الأمة- المشركين بالبشر من المقبورين وغيرهم-: لما علم عدو الله أن كل من قرأ القرآن أو سمعه, ينفر من الشرك ومن عبادة غير الله. ألقى في قلوب الجهال أن هذا الذي يفعلونه مع المقبورين وغيرهم, ليس عبادة لهم، وإنما هو توسل وتشفع بهم، والتجاء إليهم ونحو ذلك.
فسلب العبادة والشرك اسمهما من قلوبهم, وكساهما أسماء لا تنفر عنها القلوب, ثم ازداد اغترارهم وعظمت الفتنة, بأن صار بعض من ينسب إلى علم ودين يسهل عليهم ما ارتكبوه من الشرك,) ا هـ
ويقول الشيخ محمد في كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد [ص 22]
(فبعث الله الرسل وأنزل الكتب ينكر عليهم ذلك ويكفرهم ويأمر بقتالهم حتى يكون الدين كله لله ، أم هذا شرك أصغر وشرك المتقدمين غير هذا ، فاعلم أن الكلام في هذه المسألة سهل على من يسره الله عليه بسبب أن علماء المشركين اليوم يقرون أنه الشرك الأكبر ولا ينكرونه إلا ما كان من مسيلمة الكذاب وأصحابه كابن إسماعيل وابن خالد مع تناقضهم في ذلك واضطرابهم ، فأكثر أحوالهم يقرون أنه الشرك الأكبر ولكن يعتذرون بأن أهله لم تبلغهم الدعوة .
وتارة يقولون لا يكفر إلا من كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم
- ، وتارة يقولون إنه شرك أصغر وينسبونه لابن القيم رحمه الله في المدارج كما تقدم ، وتارة لا يذكرون شيئاً من ذلك بل يعظمون أهله وطريقتهم في الجملة ، وأنهم خير أمة أخرجت للناس ، وأنهم العلماء الذين يجب رد الأمر عند التنازع إليهم وغير ذلك من الأقاويل المضطربة ، وجواب هؤلاء كثير في الكتاب ، والسنة ، والإجماع .
ومن أصرح ما يجاوبون به إقرارهم في غالب الأوقات أن هذا هو الشرك الأكبر ، وأيضاً إقرار غيرهم من علماء الأقطار ، مع أن أكثرهم قد دخل في الشرك وجاهد أهل التوحيد ، لكن لم يجدوا بداً من الإقرار به لوضوحه .
المسألة الثانية : الإقرار بأن هذا هو الشرك الأكبر ولكن لا يكفر به إلا من أنكر الإسلام جملة ، وكذب الرسول والقرآن واتبع اليهودية أو النصرانية أو غيرهما ، وهذا هو الذي يجادل به أهل الشرك والعناد في هذه الأوقات ، وإلا المسألة الأولى قلَّ الجدال فيها ولله الحمد لما وقع من إقرار علماء الشرك بها . فاعلم أن تصور هذه المسألة تصوراً حسناً يكفي في إبطالها من غير دليل خاص لوجهين
الأول : أن مقتضى قولهم أن الشرك بالله وعبادة الأصنام لا تأثير لها في التكفير لأن الإنسان إن انتقل عن الملة إلى غيرها وكذب الرسول والقرآن فهو كافر وإن لم يعبد الأوثان كاليهود ، فإذا كان من انتسب إلى الإسلام لا يكفر إذا أشرك الشرك الأكبر لأنه مسلم يقول لا إله إلا الله ويصلي ويفعل كذاو كذا لم يكن للشرك وعبادة الأوثان تأثير بل يكون ذلك كالسواد في الخلقة أو العمى أو العرج ، فان كان صاحبها يدعي الإسلام فهو مسلم ، وإن ادعى ملة غيرها فهو كافر ، وهذه فضيحة عظيمة كافية في رد هذا القول الفظيع .(وهو ما يقوله بن عثيمين كما سنري)الوجه الثاني : أن معصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الشرك وعبادة الأوثان بعد بلوغ العلم كفر صريح بالفطر والعقول والعلوم الضرورية ، فلا يتصور أنك تقول لرجل ولو من أجهل الناس أو أبلدهم ، ما تقول فيمن عصى الرسو ل - صلى الله عليه وسلم - ولم ينقد له في ترك عبادة الأوثان والشرك ، مع أنه يدعي أنه مسلم متبع إلا ويبادر بالفطرة الضرورية إلى القول بأن هذا كافر من غير نظر في الأدلة أو سؤال أحد من العلماء .
ولكن لغلبة الجهل وغربة العلم وكثرة من يتكلم بهذه المسألة من الملحدين أشتبه الأمر فيها على بعض العوام من المسلمين الذين يحبون الحق ، فلا تحقرها وأمعن النظر في الأدلة التفصيلية لعل الله أن يمن عليك بالإيمان الثابت ويجعلك من الأئمة الذين يهدون بأمره .
فمن أحسن ما يزيل الإشكال فيها ويزيد المؤمن يقيناً ما جرى من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والعلماء بعدهم فيمن انتسب إلى الإسلام ، كما ذكر أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث البراء ومعه الراية إلى رجل تزوج امرأة أبيه ليقتله ويأخذ ماله .
ومثل همه بغزو بني المصطلق لما قيل أنهم منعوا الزكاة . ومثل قتال الصديق وأصحابه لمانع الزكاة وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم وتسميتهم مرتدين .
ومثل إجماع الصحابة في زمن عمر تكفير قدامة بن مظعون وأصحابه إن لم يتوبوا لما فهموا من قوله تعالى : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا ) حل الخمر لبعض الخواص .
ومثل إجماع الصحابة في زمن عثمان في تكفير أهل المسجد الذين ذكروا كلمة في نبوة مسيلمة مع أنهم لم يتبعوه ، وإنما اختلف الصحابة في قبول توبتهم . ومثل تحريق علي رضي الله عنه أصحابه لما غلوا فيه .
ومثل إجماع التابعين مع بقية الصحابة على كفر المختار بن أبي عبيد ومن اتبعه ، مع أنه يدعي أنه يطلب بدم الحسين وأهل البيت . ومثل إجماع التابعين ومن بعدهم على قتل الجعد بن درهم وهو مشهور بالعلم والدين وهلم جرا ، ومن وقائع لا تعد ولا تحصى .
ولم يقل أحد من الأولين والآخرين لأبي بكر الصديق وغيره كيف تقاتل بنى حنيفة وهم يقولون لا إله إلا الله ويصلون , ويزكون . وكذلك لم يستشكل أحد تكفير قدامة وأصحابه لو لم يتوبوا وهلم جرا .
إلى زمن عبيد القداح الذين ملكوا لمغرب ومصر والشام وغيرها مع تظاهرهم بالإسلام وصلاة الجمعة والجماعة ونصب القضاة والمفتين لما أظهروا من الأقوال والأفعال ما أظهروا لم يستشكل أحد من أهل العلم والدين قتالهم ولم يتوقفوا فيه وهم في زمن ابن الجوزي , والموفق , وصنف ابن الجوزي كتاباً لما أخذت مصر منهم سماه ( النصر على مصر ) .
ولم يسمع أحد من الأولين والآخرين أن أحدا أنكر شيئا من ذلك أو استشكله لأجل ادعائهم الملة , أو لأجل قول لا إله إلا الله ، أو لأجل إظهار شيء من أركان الإسلام ، إلا ما سمعناه من هؤلاء الملاعين في هذه الأزمان من إقرارهم أن هذا هو الشرك ، ولكن من فعله أو حسنه أو كان مع أهله أو ذم التوحيد أو حارب أهله لأجله أو أبغضهم لأجله أنه لا يكفر لأنه يقول لا إله إلا الله أو لأنه يؤدي أركان الإسلام الخمسة ، ويستدلون بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماها الإسلام ، هذا لم يسمع قط إلا من هؤلاء الملحدين الجاهلين الظالمين ، فإن ظفروا بحرف واحد عن أهل العلم أو أحد منهم يستدلون به على قولهم الفاحش الأحمق فليذكروه ، ولكن الأمر كما قال اليمني في قصيدته :
أقاويل لا تعزى إلى عالم فلا تساوي فلساً إن رجعت إلى نقد
… ولنختم الكلام في هذا النوع بما ذكره البخاري في صحيحه حيث قال : ( باب يتغير الزمان حتى تعبد الأوثان ) . ثم ذكر بإسناده قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تقوم الساعة حتى تضطرب إليات نساء دوس حول ذي الخلصة ) وذو الخلصة صنم لدوس يعبدونه فقال - صلى الله عليه وسلم - لجرير بن عبد الله : ( ألا تريحني من ذي الخلصة ) فركب إليه بمن معه فأحرقه وهدمه ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره قال فبرك على خيل أحمس ورجالها خمساً . … وعادة البخاري رحمه الله إذا لم يكن الحديث على شرطه ذكره في الترجمة ، ثم أتى بما يدل على معناه مما هو على شرطه ، ولفظ الترجمة وهو قوله : ( يتغير الزمان حتى تعبد الأوثان ) لفظ حديث أخرجه غيره من الأئمة والله سبحانه وتعالى أعلم )ا هـ.
وقال الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله كما في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (2/12-13):
(" إن (( التهليل )) إذا صدر من ( المشرك ) ، حال ( استمراره ) على شركه =غير معتبر ، فوجوده كعدمه ، وإنما ينفع إذا قاله : عالما بمعناه ، ملتزما لمقتضاه كما قال تعالى { إلا من شهد بالحق وهم يعلمون } .
قال ابن جرير وغيره : وهم يعلمون حقيقة ماشهدوا به " )انتهى كلامه .
وكما جاء
في كتاب الانتصار لحزب الله الموحدين والرد على المجادل عن المشركين_ - (ج 1 / ص 24)
يقول الشيخ حلمي هاشم في كتابه أصل هذا الناقض من لم يكفر الكافر فهو كافر والدليل عليه
نقلا عن بن كثير في قوله تعالي ..{إِنّي وَجّهْتُ وَجْهِيَ لِلّذِي فَطَرَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
وقد فسر الحنيفية رحمه الله من قوله: "حنيفاً " أي مائلاً عن الشرك إلى التوحيد.
فانظر إلى قوله تعالى" إِنّي بَرِيَءٌ مّمّا تُشْرِكُونَ " تجد صراحة البراءة من الشرك.
وانظر إلى قوله تعالى:" وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " تجد صراحة البراءة من المشركين.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في هذه الآية المباركة: فيها مسائل: الثالثة عشر ـ تصريحه بالبراءة منهم بقوله " وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " أ.هـ
وقد جاءت هذه العبارة بذاتها في المواضع المتعددة من الذكر الحكيم منها سورة يوسف
u وحيث يقول المولى سبحانه وتعالي:{قُلْ هََذِهِ سَبِيلِيَ أَدْعُو إِلَىَ اللّهِ عَلَىَ بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108].
وقد نقل صاحب فتح المجيد عن ابن جرير الطبري في تفسيرها قوله: {وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} يقول أنا برئ من أهل الشرك أ.هـ وقال أيضاً رحمه الله: فهذا هو تحقيق التوحيد: وهو البراءة من الشرك وأهله واعتزالهم والكفر بهم وعداوتهم وبغضهم.) أ.هـ
7- يقول المشركون أن شروط لا إله إلا الله ومنها العلم شروط متعلقة بالآخرة ولا علاقة لها بأحكام الدنيا لان الشروط قلبية نقول لهم الشروط ليس قلبية فقط وإلا كان الإيمان قلبي فقط لان الشروط هي إيمان فلابد أن تكون باللسان والقلب والجوارح فمن دعا غير الله عن جهل بأن هذا شرك أكبر فهو مشرك قال بلسانه الشرك ولم يعرف أن التوحيد هو أن يدعوا الله وحده ويبرأ من دعاء غير الله وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب وغيرهم، إلى معنى لا إله إلا الله، قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران آية : 64].كما مر في الدرر السنية (وفيه أن الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا اللّه، المراد بها الدعوة إلى الإخلاص بها وترك الشرك وإلا فاليهود يقولونها، ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إليها بينهم وبين من لا يقولها من مشركي العرب، فعلم أن المراد من هذه الكلمة هو اللفظ بها، واعتقاد معناها، والعمل به، وذلك هو معنى قوله تعالى:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}) .ا هـ
(حديث ابن عباس الذي فيه إرسال معاذ إلى اليمن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:«فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يعرفوا الله فإن هم عرفوا الله فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات»إلى آخره، فصارت المعرفة هنا بمعنى العلم بالتوحيد كما في الروايات الأخرى ا هـ وبذلك يعلم أ ن شروط لا إله إلا الله ومنها العلم شروط متعلقة بالدنيا قبل الآخرة فالذي يعلم عنه أنه لم يأتي بها يدعي إليها ويقاتل عليها كما قوتل أهل الكتاب لجهلهم بها ووقوعهم في الشرك المناقض لها مع قولهم لها
يقول الشيخ حلمي هاشم في شهد الاعتقاد ج2 ص9(ولذا فالقول بأن موضوع شروط صحة التوحيد يتعلق بأحكام الآخرة هو قول من لا يعلم ما يقول.
ب - ومع هذا فإن هذا الادعاء لا يغني عن صاحبه شيئاً، وذلك أن أصحاب هذا القول من (المحدثين) ما ذهبوا إليه إلا للتحلل من الانضباط بهذه الشروط الهامة (شروط صحة التوحيد) أو للمجادلة عن المتحللين منها من أهل الجهل بالتوحيد، المتلبسين بما يناقضه قولاً وعملاً واعتقاداً.
نقول أن ما ذهب إليه هؤلاء المحدثين لا يغني عنهم شيئاً، لأنه القول بأن هذه الشروط تتعلق بأحكام الآخرة هو أيضاً نوعاً بالإقرار بفرضية هذه الشروط أمام الله تعالى في الآخرة، ومن ثم تحريم ما يناقضها في الدنيا،
ولذا إذا قيل: أنه لا يغني إلا الصدق أمام الله تعالى فإن ذلك يفيد تحريم الكذب في الدنيا والآخرة ،
وأيضاً إذا قيل: أنه لا يغني إلا الإخلاص أمام الله تعالى، فإن ذلك يفيد تحريم النفاق في الدنيا والآخرة،
وأيضاً إذا قيل: أن العلم شرط في صحة التوحيد أمام الله تعالى في الآخرة، أفاد بذاته أن الجهل بالتوحيد أو شيء من أركانه محرم في أحكام الدنيا والآخرة، وبالتالي لا يعد الجهل عذراً لا في الدنيا ولا في الآخرة، إذا تعلق بالتوحيد أو شيئاً من أركانه، وذلك ما يناقض ما عليه أصحاب مذهب العذر بالجهل لكل من أشرك بالله؛ حيث قالوا بأن الجهل عذراً له في الدنيا، وهو مغفور له جهله وشركه في الآخرة، هذا ما عليه أهل الجهل كعذر ومن يجادل عنهم، وهو من قبيل الجمع بين المتناقضات، ذلك أنه:
إذا قيل بأن العلم شرط في صحة التوحيد، أفاد ذلك تحريم الجهل بالتوحيد في أحكام الدنيا قبل الآخرة .
وإذا قيل بأن الجهل عذر في التوحيد، انتفي بهذا القول ادعاء أن العلم أحد شروط الصحة، وذلك ما يناقض ما قطعت به النصوص وما عليه أهل العلم والإيمان .
وبالتالي فالقول أن العلم شرط في صحة التوحيد، مع ادعاء أن الجهل بالتوحيد عذراً(كما يدعي بعض المحدثين) هو من قبيل الجمع بين المتناقضات، وقول من لا يعلم أصول العلم، بل قول من لا يعلم ما يقول، وما ادعاؤه أن شروط صحة التوحيد هي في أمور الآخرة فقط إلا الثمرة الطبيعية للقول بغير علم على الله وفي دين الله، وقد حرَّم المولى تبارك وتعالى ذلك في العديد من نصوص الذكر الحكيم؛ ومنها قوله تعالى:
{ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ
بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } [البقرة:168 /169].
فهذا الادعاء الفاسد مما يدخل في هذا النهي العظيم: { وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } الآية) ا هـ
ويقول أيضا في نفس الكتاب ص 8         (فإذا وضح ذلك فإن شروط صحة العبادات تتعلق دائماً بأحكام الدنيا الظاهرة، ويخضع لذلك بالتأكيد شروط صحة التوحيد، شأنها شأن سائر شروط الصحة، وبنفس ميزان أحكامها في الأصول، ولا يغير من هذه الحقيقة أن التكاليف الشرعية المتعلقة بهذه الشروط قد تستلزم معانٍ قلبية لا سبيل إلى الاطلاع عليها؛ كالصدق واليقين والإخلاص والمحبة.. الخ ؛ ذلك أن الشارع الشريف إذا أوجب شيئاً من المعاني القلبية - بمثل هذا - وفرضه، جعل لها من العلامات الظاهرة ما يدل عليها وجوداً وعدماً.
يقول أهل الأصول في ذلك: الوجيز في أصول الفقه أ / عبد الكريم زيدان، عنوان صـ78
(أما الميول القلبية التي هي من الإيمان أو من لوازمه؛ كحب الله ورسوله، فهذه تكون واجبة على المكلف، ومطلوب منه تحصيلها وتحصيل أسبابها، ولا يعذر في عدم تحصيلها أو في وجود ضدها؛ كبغض الله ورسوله لأن في عدم وجودها أو وجود ضدها دلالة على عدم إيمانه؛ لأن الإيمان لا ينفك عن حب الله ورسوله، فإذا انفك كان ذلك دليلاً على عدم الإيمان) أ.هـ
8- لما كان العلم شرط من شروط لا إله إلا الله كما وضحنا كان الجهل وعدم العمل بمقتضاها ناقض من نواقض الإسلام كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نواقض الإسلام العشرة - العاشر : الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به ، والدليل قوله تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ }) ا هـ
والناس في البلاد التي يظهر فيها الإسلام ويقعون في االشرك فإنهم لايخلون من حالتين :
الحال الأولى : أن يكون القرآن قد بلغهم ، فأعرضوا عنه ، فهم بهذا كفار إجماعا
الحال الثانية : أن يكونوا - مع تمكنهم من التعلم لظهور الإسلام - قد فرطوا فيه ، فهم كفار إذا ( كفر إعراض )
لقوله تعالى {بل أكثرهم لايعلمون الحق فهم معرضون }.
فهم جهلوا الحق لإعراضهم عنه ، ولم يعذروا بذلك .
فإيتوني بحالة غير هاتين الحالتين يمكن أن توجد في بلاد يظهر فيها الإسلام
اللهم إلا غير المكلفين من المجانين والصغار والصم البكم العمي !
وأما تلبيس أئمة الضلال على متبوعيهم فليس بعذر وقد قال الله تعالى { وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم ومايفترون }.
ووجه الدلالة : أنه مع وجود التلبيس لهذا الباطل من هؤلاء لأتباعهم فإن الله لم يجعله عذرا لهم .
فلايخلوا هؤلاء الملبس عليهم من أمرين :
الأول : أن تكون الحجة قد قامت عليهم فعدم عذرهم ظاهر .
الثاني : ن تكون الحجة لم تقم عليهم ، فهم مشركون ( بنص الآية )
9-أن من وقع في الشرك الأكبر جهلا ينزل عليه حكم الشرك بعينه
كما ذكر الشيخ علي بن خضير الخضير في كتاب الطبقات - (ج 1 / ص 8)(ثم قال ابن القيم : والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاء به فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافرا معاندا فهو كافر جاهل .
( تعليق : قال عبد اللطيف في منهاج التأسيس ص 105 إن عباد القبور عند ابن تيمية ليسوا بمسلمين] اهـ ، وقال مرة في منهاج التأسيس ص 60 قال رحمه الله ـ يقصد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ فجنس هؤلاء المشركين وأمثالهم ممن يعبد الأولياء والصالحين نحكم بأنهم مشركون ، ونرى كفرهم إذا قامت عليهم الحجة الرسالية اهـ وقال ابن سحمان في الضياق الشارق : قال ص 662 قال الشيخ عبد اللطيف في الرد على مسألة النذر لغير الله ، قال : وأيضا فالكفر إنما يطلق بعد قيام الحجة اهـ وقال عبد اللطيف في منهاج التأسيس ص 73 وعباد القبور ما رأيت أحدا من أهل العلم الذين يرجع إليهم توقف في كفرهم ، غاية ما قالوا لا يقتل حتى يستتاب أو لا يكفر حتى تقوم الحجة أو نحو هذا الكلام اهـ . ) .
ثم قال ابن القيم : فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارا فإن الكافر من جحد توحيد الله وكذب رسوله إما عنادا أو جهلا وتقليدا لأهل العناد فهذا وإن كان غايته أنه غير معاند فهو متبع لأهل العناد .
وقد أخبر الله في القرآن في غير موضع بعذاب المقلدين لأسلافهم من الكفار وأن الأتباع مع متبوعهم وأنهم يتحاجون في النار وأن الأتباع يقولون ( ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون ) وقال تعالى ( وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد) وقال تعالى ( ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا ) . ا هـ
ويقول وأيضا في الوسيط في شرح أول رسالة في مجموعة التوحيد - (ج 1 / ص 79)
(قوله تعالى ( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ) فالجن والإنس لابد أن يفردوا الله بالعبادة .
قبل الدخول في أنواع العبادات فإن توحيد الألوهية يتبعه أصول وأركانه و هي : محبة التوحيد وأهله وموالاتهم ، وبغض الشرك وأهله ومعاداتهم وتكفيرهم والكفر بالطاغوت وأركانه خمسة ذكرها المصنف في رسالة مستقلة بعنوان رسالة في الكفر بالطاغوت موجودة في مجموعة التوحيد .
أ ـ قال في الدرر 2 / 116 وليس المراد: قولها باللسان مع الجهل بمعناها، فإن المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار، مع كونهم يصلون، ويصومون، ويتصدقون؛ ولكن المراد: معرفتها بالقلب، ومحبتها ومحبة أهلها، وبغض من خالفها ومعاداته، كما قال صلى الله عليه وسلم " من قال لا إله إلا الله مخلصاً " وفي رواية: " صادقا من قلبه " وفي لفظ: " من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله " إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة.
واعلم: أن هذه الكلمة، نفي، وإثبات؛ نفي الألوهية عما سوى الله تبارك وتعالى اهـ
ب ـ وقال في الدرر 2 / 119 فالله، الله، إخواني: تمسكوا بأصل دينكم أوله وآخره، اسه ورأسه، وهو: شهادة أن لا إله إلا الله؛ واعرفوا: معناها؛ وأحبوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم، ولو كانوا بعيدين؛ واكفروا بالطواغيت، وعادوهم، وابغضوا من أحبهم، أو جادل عنهم، أو لم يكفرهم، أو قال ما عليّ منهم، أو قال ما كلفني الله بهم، فقد كذب هذا على الله، وافترى؛ بل: كلفه الله بهم، وفرض عليه الكفر بهم، والبراءة منهم؛ ولو كانوا: إخوانه، وأولاده؛ فالله، الله، تمسكوا بأصل دينكم، لعلكم تلقون ربكم، لا تشركون به شيئا؛ اللهم توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين) اهـ .
10- يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة - (ج 1 / ص 1)
(أصل الدين وقاعدته أمران …
الأول : الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له ، والتحريض على ذلك ، والموالاة فيه ، وتكفير من تركه .
الثاني : الإنذار عن الشرك في عبادة الله ، والتغليظ في ذلك ، والمعاداة فيه ، وتكفير من فعله )ا هـ
ويقول الشيخ حلمي في كتاب شهد الاعتقاد ج2ص176
والذي لم يدركه، وكان واجباً أن يدركه كل مسلم عاقل أن التوحيد وأحكامه الصريحة هي من مرتبة المحكم الصريح الواضح الذي:
أ- لا يقبل الاجتهاد (حيث لا اجتهاد مع النص) ولا يعارض باجتهاد.
ب- ولا يقبل ورود الشبهة عليه، ولا يعارض بشبهة لقطعية أحكامه.
جـ- ولا يقبل التأويل، ولا يعارض بتأويل، حيث التأويل نوعاً من الاجتهاد ولا اجتهاد في التوحيد.
د- كما لا يقبل ادعاء الجهل لتعلق أحكام التوحيد بما فطر الله عليه عباده وتعلقه بأصل هذا الدين العظيم الذي أرسل من أجله الرسل، وأنزل من أجله الكتب، وأعظمها وآخرها القرآن الكريم، ولتعلق الجهل بمناقضة شرط العلم، كأحد شروط صحة شهادة التوحيد، بل أولها على الإطلاق. ذلك الشرط الذي لا يصح التوحيد إلا به، كشأن سائر شروط التوحيد، وكشأن أصول العبادات الحاكمة بوجوب توفر شروط صحته، وإلا وقعت باطلة، وقد قال تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا } [النساء: 125].
قال ابن كثير رحمه الله: قوله تعالى: { وَهُوَ مُحْسِنٌ } أي: اتبع في عمله ما شرعه الله له، وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق. وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما، أي يكون خالصاً صواباً، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون متبعاً للشريعة، فيصح ظاهره بالمتابعة، وباطنه بالإخلاص، فمتى فقد العمل، أحد هذين الشرطين فسد. فمتى فقد (الإخلاص) كان منافقاً وهم الذين يراءون الناس، ومن فقد (المتابعة) كان ضالاً جاهلاً، ومتى جمعهما كان عمل المؤمنين) أ.هـ

No hay comentarios:

Publicar un comentario