domingo, 16 de octubre de 2011

حكم صلاة الجمعة في ديار الكفر ( ابن رجب الحنبلي )


فتبين بهذا : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بإقامة الجمعةبالمدينة ، ولم يقمها بمكة ، وهذا يدل على أنه كان قد فرضت عليهالجمعة بمكة .
وممن قال : إن الجمعة فرضت بمكة قبل الهجرة : أبو حامد الاسفراييني من الشافعية ، والقاضي أبو يعلى في ((خلافه الكبير )) من أصحابنا ، وابن عقيل في ((عمد الادلة )) ، وكذلك ذكره طائفة من المالكية ، منهم : السهيلي وغيره .
وأما كونه لم يفعله بمكة ، فيحمل أنه إنما امر بها أن يقيمها في دار الهجرة ، لا في دار الحرب ، وكانت مكة إذ ذاك دار حربٍ ، ولم يكن المسلمون يتمكنون فيها من إظهار دينهم ، وكانوا خائفين على أنفسهم ، ولذلك هاجروا منها إلى المدينة ، والجمعة تسقط بأعذارٍ كثيرةٍ منها الخوف على النفس والمال .
وقد أشار بعض المتأخرين من الشافعية إلى معنى آخر في الامتناع من إقامتها بمكة ، وهو : أن الجمعة إنما يقصد بإقامتها اظهار شعار الإسلام ، وهذا إنما يتمكن منه في دار الإسلام .
ولهذا لا تقام الجمعة في السجن ، وإن كان فيه أربعون ، ولا يعلم في ذلك خلافٌ بين العلماء ، وممن قاله : الحسن ، وابن سيرين ، والنخعي ، والثوري ، ومالك ، وأحمد ، وإسحاق وغيرهم .
وعلى قياس هذا :لو كان الأسارى في بلد المشركين مجتمعين في مكانٍ واحدٍ ؛ فإنهم لا يصلون فيه جمعةً ، كالمسجونين في دار الإسلام وأولى ؛ لا سيما وأبو حنيفة وأصحابه يرون أن الإقامة في دار الحرب - وإن طالت - حكمها حكم السفر ، فتقصر فيها الصلاة أبداً ، ولو اقام المسلم باختياره ، فكيف إذا كان أسيراً مقهوراً ؟
وهذا على قول من يرى إشتراط إذن الإمام لإقامة الجمعة ، أظهر ، فأما على قول من لا يشترط إذن الإمام ، فقد قال الإمام أحمد في الأمراء إذا أخروا الصلاة يوم الجمعة : فيصليها لوقتها ويصليها مع الإمام ، فحمله القاضي أبو يعلى في ((خلافه )) على أنهم يصلونها جمعة لوقتها .
وهذا بعيدٌ جداً ، وإنما مراده : أنهم يصلون الظهر لوقتها ، ثم يشهدون الجمعة مع الأمراء .
وكذلك كان السلف الصالح يفعلون عند تأخير بني أمية للجمعة عن وقتها ،ومنهم من كان يومئ بالصلاة وهو جالسٌ في المسجد قبل خروج الوقت ، ولم يكن أحد منهم يصلي الجمعة لوقتها ، وفي ذلك مفاسد كثيرة تسقط الجمعة بخشية بعضها .
وفي ((تهذيب المدونة)) للمالكية : وإذا أتى من تأخير الأئمة ما يستنكر جمع الناس لأنفسهم أن قدروا ، وإلا صلوا ظهراً ، وتنفلوا بصلاتهم معهم .
قال : ومن لا تجب عليه الجمعة مثل المرضى والمسافرين وأهل السجن فجآئز أن يجمعوا .
وأراد بالتجميع هنا : صلاة الظهر جماعةً ، لا صلاة الجمعة ؛ فإنه قال قبله: وإذا فاتت الجمعة من تجب عليهم فلا يجمعوا .



فتح الباري لابن رجب باب فرض الجمعة

منقول من منتدي أنصار التوحيد لأبو مريم 

No hay comentarios:

Publicar un comentario