domingo, 16 de octubre de 2011

التلفظ بالشهادتين وحده ليس عاصماً للدم والمال.


التلفظ بالشهادتين وحده ليس عاصماً للدم والمال.

قالوا كل من تلفظ بالشهادتين فقد عُصم دمه وماله والدليل على ذلك ما رواه مسلم في صححيه عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله (نقول وبالله التوفيق والسداد:
أولا:
أن هناك ضوابط لفهم نصوص الكتاب والسنة يجب أن تُعمل ولا تُهمل ومن هذه الضوابط التي سنتطرق لذكرها هو فهم النص ظاهراً ومعني في إطار لسان العرب وعرفهم في الخطاب فلفظ يقولوا الوراد في الحديث في عرف العرب لا يعني مجرد التلفظ وإن كان يشمله والدليل على ذلك ماجاء في لسان العرب لأبن منظور قوله: فأَما تَجوُّزهم فيتسميتهم الاعتقادات والآراء قَوْلاً فلأَن الاعتقاد يخفَى فلا يعرف إِلاَّ بالقول، أَو بما يقوم مقام القَوْل من شاهد الحال، فلما كانت لا تظهر إِلا بالقَوْل سميت قولاً إِذ كانت سبباً له، وكان القَوْل دليلاً عليها، كما يسمَّى الشيء باسم غيره إِذا كان ملابساً له وكان القول دليلاً عليه، فإِن قيل: فكيف عبَّروا عن الاعتقادات والآراء بالقَوْل ولم يعبروا عنها بالكلام، ولو سَوَّوْا بينهما أَو قلبوا الاستعمال فيهما كان ماذا؟ فالجواب: أَنهم إِنما فعلوا ذلك من حيث كان القَوْل بالاعتقاد أَشبه من الكلام، وذلك أن الاعتقاد لا يُفْهَم إِلاَّ بغيره وهو العبارة عنه كما أَن القَوْل قد لا يتمُّ معناه إِلاَّ بغيره.أهـ.فلما كان هذا معهودهم في الخطاب خاطبهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقولوا تعبيراً عن الاعتقاد والعمل ومما يدل على كذلك أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم (يكفيك أن تقول بيديك هكذا) وهذا العرف أو معهود العرب في الخطاب يعتبر مرجعية أساسية وضمانة حقيقة لحفظ النص الشرعي من التحريف الخفي والذي هو التأويل المزاجي حيث الخروج بالمعني عما وضع له اللفظ وهو ينشأ نتيجة لوهم نفسي أو موقف مذهبي لصاحبه كالخوف من تُهمة التكفير الغالي كما في حال أدعياء السلفية ومن نحا نحوهم.ثانياً:
من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ومقتضي هذه الرحمة أن لا يطلب منهم إلا ما يكون تحقيقاً للإسلام الذي بموجبه ينالون هذه الرحمة ومجرد التلفظ بالشهادة لا يعني تحقيق الإسلام كما هو معلوم بنص الكتاب والسنة ، فطلب منهم أن يقولوا لأن في عرفهم كما قدمنا القول يدل على الاعتقاد والعمل فيكون معني قوله قولوا أعبدوا الله واجتنبوا عبادة الطاغوت وهو قوله تعالى(فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد أستمسك بالعروة الوثقي..) وقوله(والذين أجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى ...)وقوله( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن أعبدوا الله وأجتنبوا الطاغوت). 
ثالثاً:
من الطرق الصحيحة للاستدلال الجمع بين أطراف الأدلة ورد أول النص إلى آخره ورد آخره إلى أوله ويجب الالتفات لمقام الخطاب الشرعي والقرائن المحتفة بالنص سواء كان قرائن متعلقة بالنص أو من خارجه مثل أسباب النزول والورود وفي ذلك يقول الأمام الشاطبي رحمه الله: ( إن المساقات تختلف باختلاف الأحوال والأوقات والنوازل فالذي يكون على بال من المستمع والمتفهم هو الالتفات إلى أول الكلام وآخره بحسب القضية وما اقتضاه الحال فيها لا ينظر في أولها دون أخرها ولا في آخرها دون أولها فإن القضية وإن اشتملت على جمل فبعضها متعلق بالبعض ولأنها قضية واحدة نازلة في شئ واحد فلامحيص للمتفهم عن رد آخر الكلام إلى أوله وأوله إلى آخره فإذ ذاك يحصل مقصود الشارع في فهم المكلف فإن فرّق النظر في أجزائه فلا يتوصل إلى مراده ، فلا يصح الاقتصار في النظر في أجزاء الكلام دون بعض إلا في موطن واحد وهو النظر في فهم الظاهر بحسب اللسان العربي وما يقتضيه لا بحسب مقصود المتكلم ) الموافقات ج3 ص 413_ 314.رابعاً:
قد ورد هذا الحديث بعدة روايات في صحيح مسلم وفي نفس الباب نذكر على سبيل المثال منها :
1- (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله) وفي رواية ( من وحد الله).2- أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنمحمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاةفإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهمعلى الله.3- أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت بهفإذافعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله.في هذه الروايات المختلفة التي وردت في بابٌ واحد نستخلص الآتي :
أ/ يُشترط لعصمة الدم والمال الكفر بما يُعبد من دون الله وهو قوله صلى الله عليه وسلموكفر بما يعبد من دون الله، ويخرج من الحديث الذي يتلفظ بكلمة التوحيد ولم يكفر بما يعبد من دون الله.
ب/ يُشترط العلم بمعني الشهادة لمن يتلفظ بها وهو قوله صلى الله عليه وسلم (حتى يشهدوا) والشهادة لا تكون بالعلم كما قال تعالى (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون)وبهذا يخرج من الحديث الذي يتلفظ بكلمة التوحيد وهو جاهلٌ بها . 
ج/ اشتراط الإيمان بكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله صلى الله عليه وسلم(ويؤمنوا بي وبما جئت به) وهو قبول التكليف من الله عز وجل ورده على من سواهوأول ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو عبادة الله وترك عبادة ما سواه وهذا هو الكفر بما يُعبد من دون الله وهو قوله تعالى (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد أستمسك بالعروة الو ثقي) فيخرج بذلك من الحديث من تلفظ بكلمة التوحيد ولم يقبل ماجاء به النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقبل التوحيد بل يظنه تكفيراً أو ديناً جديداً أو من يرفض ويستنكر على كل من يطالب بتحكيم شرع الله .فإن قيل إن القبول من أفعال القلوب فلما تشترطونه لمن تلفظ بكلمة التوحيد؟؟
نقول:
القبول من أفعال القلوب وليس لنا علم بما فيها ومن يظهر لنا قبوله وصدقه بكلمة التوحيد ودليل ذلك التبرؤ من عبادة الطاغوت
حكمنا بإسلامه.
والخلاصة أن المراد بلفظ يقولوا في الحديث هو التلفظ بها مع العلم بمعناها والعمل بمقتضاها وهذا هو الإسلام الحكمي الظاهري الذي يُعصم به الدم ، وقد كان التلفظ دليل للتبرؤ من عبادة الأصنام عند العرب كما بينا أنفاً عند الكلام عن معهود العرب وعرفهم في الخطاب ولذلك أُعتبر القول دليلاً على الإسلام ولكن تختلف طرق ثبوت عقد الإسلام من قوم إلى قوم فمن كان كفره من باب عبادة غير الله _أياً كانت _ هذه العبادة فلا يحكم بإسلامه إلا بتركها واعتقاده بطلانها وتكفير فاعلها .ومن كان كفره بسبب توليه للكفار واعذراهم والمجادلة عن تكفيرهم فلا يحكم بإسلامه إلا بتكفيرهم والبراءة منهم وممن ولم يكفرهم.
ومن كان كفره بسبب تجويزه للتحاكم إلى الطاغوت فلا يُحكم بإسلامه إلا بإقراره بعدم جواز ذلك وتكفير كل من يتحاكم أو من يجوّز التحاكم للطاغوت.
تساؤلات ولوازم للمخالفين 
من المعلوم أن لازم الحق حق ولازم الباطل باطل وكونكم جعلتم ذات التلفظ بالشهادتين عاصماً للدم المال يلزمكم لوازم باطلة منها:1/ تكفير كل من أسلم ووحد الله وكفر بالطاغوت ولم يتمكن من التلفظ بالشهادة لبكم أصابه وعلة ذلك كونكم جعلتم الإسلام هو ذات التلفظ بالشهادتين .2/ تكفير كل أعجمي لايستطيع النطق بالعربية لأنه لايتمكن حينئذ من التلفظ بالشهادة ولايمكن للأعاجم أن يدخلوا في الإسلام إلا بعد تعلم العربية .3/ عصمة دماء وأموال الكافر بمجرد التلفظ بالشهادتين حتي ولو على سبيل الحكي.4/عصمة دماء وأموال المرتدين حتى لو كانت ردتهم بسبب جحد فريضة أو إستحلال محرم مع تلفظهم بالشهادتين.5/من المعلوم أن الألفاظ بمنزلة الوسائل والمعاني بمنزلة الغايات فمن تمسك بالوسائل غفل عن المعاني وكونكم أقتصرتم عصمة الدم والمال بالتلفظ بالشهادة فقط تكونوا قد أقررتم بأن الشهادة لامعني لها.
منقول من منتدى دعوة الحق 

No hay comentarios:

Publicar un comentario